مها محمد الشريف
العلاقات بين الدول تزداد متانة ونمواً وفقاً لاستمرارها وأهميتها، وهذا ما تؤكده صفحات التاريخ بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية فهما قُطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وحنكة ومهارة قادة البلدين على إدارة هاتين القوتين في المنطقة، والتعاون الاستراتيجي والتنسيق المستمر تجاه المسائل والقضايا التي تهمُّ البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية؛ لتحقيق التضامن العربي.
لتبقى علاقات تاريخية متناغمة كما بُنيت على أسس صلبة منذ أول لقاء تاريخي جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، بالملك فاروق ملك مصر - رحمهما الله - عام 1364هـ الموافق 1945م، وتعزيز التضامن العربي في ظل الظروف الدولية الراهنة وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية وتوحيد المواقف للدول العربية الكبيرة ومواجهة التحديات والتحاور مع القوى العظمى برؤية مشتركة.
والوصول بهذه العلاقات إلى الأهداف الخيِّرة المنشودة التي تتطلع إليها الشعوب العربية من «المحيط الأطلسي» إلى «الخليج العربي»، فالسياسة التي تعبر عن قيم مهمة يزيد احتمال جاذبيتها عندما تكون القيم مشتركة، فمن خلال تاريخ الشرق الأوسط الحديث، كانت الرياض والقاهرة ولازالتا أكبر حليفتين، قال عنها المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود عن هذه العلاقات بأن لها الأهمية الإستراتيجية وانتهى إلى مقولته الشهيرة «لا غنى للعرب عن مصر - ولا غنى لمصر عن العرب» فمنذ أن بدأ المغفور له بناء الدولة السعودية الحديثة في عام 1902 حرص على إيجاد علاقة قوية مع مصر.
وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وحرصه على التواصل وتعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والدول الشقيقة في المجالات كافة، واستجابة للدعوات المقدمة للأمير محمد بن سلمان، حيث وصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مساء الاثنين، إلى مصر في مستهل جولة إقليمية تشمل أيضاً الأردن وتركيا لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
فثمة دلالات جوهرية تخبر عن هذه العلاقات الأخوية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتعزيزها تجارياً، حيث يحرص القطاع الخاص السعودي والمصري للاستثمار في أسواق البلدين لما تتميَّز به من مقومات وفرص، إذْ توجد 6285 شركةً سعوديةً في مصر باستثمارات تفوق 30 مليار دولار، كما توجد في المقابل 274 علامةً تجاريةً مصريةً، وأكثر من 574 شركةً مصريةً في الأسواق السعودية.
وإن جزءاً كبيراً من العمل على إستراتيجية بعيدة الأمد للمبادلات بين البلدين، ومما يعادل ذلك في الأهمية ترسيخ تماسك أكثر في السياسات وتطوير العديد من المشاريع الضخمة التنموية ومنها على سبيل المثال مشروع الربط الكهربائي السعودي المصري، وتعدُّ المملكة من الدول الرئيسة التي دعمت الاحتياطيات الأجنبية لعدد من الدول خلال جائحة كوفيد - 19، ومن بينها جمهورية مصر العربية.
وبهذه المناسبة الهامة قال السفير السعودي أسامة نُقلي «إن زيارة ولي العهد إلى مصر في هذا التوقيت، تعكس عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين وحجم التعاون القائم بينهما، في ظل الروابط الأخوية التي تجمعهما على المستويين القيادي والشعبي، و«أن اللقاء الأخوي الذي يجمع ولي العهد والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يأتي لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية واستدامة الشراكة بين البلدين في كافة مجالات التعاون الثنائي، بما يحقق المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة»، وهذا يعكس عمق العلاقة وقدمها وأهميتها.