م . سعد بن إبراهيم المعجل
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين القائل في كتابه العزيز: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) سورة الرحمن (26-27)، والصلاة والسلام على رسوله الكريم القائل: (يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه، إلا الجنة).
ببالغ الحزن والأسى تلقيت يوم الجمعة 18 من ذي القعدة 1443هـ نبأ وفاة الصديق العزيز الشيخ ناصر بن محمد بن بشر العريفي «أبو سعود»، حيث تمت الصلاة عليه في جامع الملك خالد بأم الحمام وووري جثمانه الثرى في مسقط رأسه ببلدة مزعل في محافظة القويعية.
لا يستطيع الإنسان نسيان من كان أثره طيبًا في حياته، تبقى ذكراه محفورة في قلبه، لقد اتصف الشيخ ناصر -رحمه الله- بالوفاء؛ والوفاء خلقٌ عظيمٌ لا يتصف به إلا من تحلى بالأمانة والصدق والشجاعة والصبر، كان أبو سعود شريكًا لوالدي - رحمهما الله - في تجارة «الدوب»، وهي سفينة مخصصة لنقل الأسمنت من البصرة إلى الدمام عبر الخليج العربي، وعند وصول الأسمنت إلى ميناء الملك عبدالعزيز كانا يتقاسمان حصتهما مع شركائهما من التجار، وبعد وفاة والدي استمرت شراكته معي وفاءً لذكرى والدي -رحمهما الله-، وتعلمت منه الكثير، قال لي يومًا: «لقد ورثت من والدك صفاته الحميدة، وزدت عليها العلم الذي اكتسبته في دراستك»، كانت شهادة أسعدتني كثيرًا، تمنيت حينها لو كان أبي موجودًا ليسمعها.
ومن صفات الشيخ ناصر العريفي -رحمه الله- أنه كان كريم الخلق متواضعًا سمحًا؛ طيب النفس، منشرح الصدر، لين الجانب عن سهولة ويسر، بشوش الوجه، طلق المحيا، يحب الخير للناس فأحبه الناس، وقد ورد في الحديث عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أخبركم بمن يحرم على النار، أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل).
هذه هي سنة الحياة، وهذا هو منتهانا لمقابلة رب غفور، وليس علينا إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة لمن كان بالأمس جليسنا واليوم فقيدنا، اللهم اجعل قبره سعةً وضياءً ونورًا، اللهم اجعله في جناتك جنات النعيم، اللهم طيب ثراه، وأكرم مثواه، واجعل الجنة مستقره ومأواه، وجميع موتى المسلمين، وأسأل الله العلي القدير أن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وأن يجبر مصابهم، وأختم بقول الله جل في علاه: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) سورة البقرة 155-156.