محمد بن عيسى الكنعان
خلال العام الدراسي الحالي 1442/1443هـ أطلت علينا وزارة التعليم بأربعة قرارات: (الإجازات المطولة - الفصول الدراسية الثلاثة - الدراسة في رمضان - تأخير اختبارات الفصل الثالث)، هذه القرارات قد يرى البعض، أنها تعكس رؤية إيجابية في تطوير العملية التعليمية، استنادًا إلى تجارب مماثلة لمؤسسات تعليمية في بعض الدول المجاورة. في المقابل؛ قد يراها البعض الآخر أنها لا تخدم العملية التعليمية بشكل أساسي؛ كونها جاءت دون مقدمات تمهيدية، أو اعتبارات مجتمعية، أو قياسات سليمة مع تلك التجارب سواءً كانت إقليمية أو دولية. من هنا أقدم قراءتي لهذه القرارات كأب لديه أبناء يدرسون، وليس ناقدًا تربويًا أو خبيرًا تعليميًا، ما يعني أني بعيد عن مؤثرات الرؤية التطويرية للتعليم ومكاسبها وتبريراتها، التي قد يُغري بريقها بعض الناس.
فكرة (الإجازات المطولة) ليست سيئة، كونها تُسهم في تخفيف ضغط العام الدراسي عن الطلبة، وتشكل لهم استراحات محاربين - إن صح التعبير -، لكن المشكلة في كثرتها خلال الفصول وعدم اتساقها؛ لأنها تتسبب في عرقلة التوجه الانضباطي الذي تتبناه الأسر مع أبنائهم وبناتهم، بل بعضها يكون سابقاً لأسبوع اختبارات الفصل مباشرةً، فتتحول من إجازة يُفترض استثمارها في المذاكرة الجادة إلى تضييع الوقت من قبل الطالب أو الطالبة وهمّ بالأساس في أسبوع مراجعة!! ما يعني وجوب إعادة النظر بالإجازات المطولة، بحيث تكون بالفعل إجازة، وفي توقيتها الذي يُحقق الفائدة المنشودة.
أما مسألة (الفصول الدراسية الثلاثة) فهذه نقلة نوعية في المسيرة التعليمية برمتها، لكن هل درستها وزارة التعليم بشكل جاد وفعلي ضمن خطتها المطورة التي أعلنتها مايو 2021م، من حيث التحديات والمعوقات والفرص، فضلًا عن اعتبارات مناخ المملكة، لأن تقسيم العام الدراسي من فصلين إلى ثلاثة فصول ينبغي ألا يتم بشكل ارتجالي، إنما على مراحل، أو مقدمات، أو تطبيقها كتجربة، ثم دراسة مخرجاتها بشكل دقيق، خاصةً أن هذه الفصول ستمتد بالعام الدراسي حتى أوائل الصيف ودرجة الحرارة المرتفعة.
أما ما يتعلق بـ(الدراسة بشهر رمضان) المبارك لهذا العام بعد انقطاع قرابة 14 عامًا، فلا يختلف اثنان على أن رمضان شهر العمل والإنتاجية، ولكن هل فكّرت الوزارة بقطاع عريض من المعلمات اللاتي هنّ بالأساس ربات بيوت! وعليهن مسؤوليات وواجبات عائلية، فكيف تستطيع المرأة المعلمة - وسط هذا الوضع - الموازنة من حيث الإنتاجية بين التزاماتها التعليمية وواجباتها العائلية على مدار ثلاثة أسابيع من شهر رمضان؟.
أما ما يخص (تأخير اختبارات الفصل الثالث) بسبب اختبارات التحصيلي لطلبة الثالث ثانوي، فهذا يدعو للاستغراب والتساؤل المحير! أليست الاختبارات سواءً دراسية أو تحصيلية مجدولة أساسًا؟ ولم تتنبه وزارة التعليم مؤخرًا، ووجدت نفسها أمام اختبار تحصيلي اعترض مسيرتها التعليمية بنهاية العام قابعًا في تقويمها الدراسي!! ألا يوجد تنسيق بين الوزارة ومركز (قياس) منذ البداية أصلًا! وعندما وقع هذا التعارض ألم تجد الوزارة حلًا إلا تأخير الاختبارات الدراسية للفصل الثالث، وضغطها في أسبوع واحد على حساب جميع الطلبة بمختلف مراحلهم الدراسية على مستوى المملكة، فضلًا عن إرباك المدارس وضغط المعلمين والمعلمات في هذا الأسبوع! لذلك نقول العبرة ليست في جودة النظرية إنما في فاعلية التطبيق. هذا ما كان والله المستعان.