أ.د.عثمان بن صالح العامر
يرتبط بالفعل وعدمه تبريرات يسوقها الواحد منا ليقنع بها نفسه، أو ربما أراد من سردها إقناع غيره بالسلوك الذي اختار أياً كان هذا السلوك، أو الطريق الذي سار به وقرر المضي فيه، ومع أن هذه التبريرات قد تكون مجرد مسكن نفسي إلا أن هذا المسكن متى ما طالت مدة تعاطيه فسيكون سبباً لقتل صاحبه سواء أكان القتل جسدياً أو أنه من قبيل القتل المعنوي وهو الذي يعنيني في هذا المقال.
ومن أكثر هذه التبريرات التي يسوقها الشاب فتقف عائقاً فعلياً في تدرجه المعرفي أو المهاري أو حتى الوظيفي، قوله:
1 - (عندي ظروف) دون أن يحدد ماهية هذه الظروف، وحجم صعوبتها، وهل هي طويلة المدى أو أنها عارضة قصيرة، وغالباً ما يكون الشاب مبالغاً في نظرته لما يحيط به من واقع يمكن بشيء من التدابير البسيطة تجاوزه والتغلب عليه بسهولة ويسر، دون أن يضحي بمستقبله ركوناً منه لما يدعي أنه هو العائق الحقيقي أمام تحقيق مبتغاه.
2- أو (ما أصبر عن ديرتي)، وهم عدم القدرة على حياة الغربة، والبعد عن الأهل والرحيل عن بيئته التي سكنت قلبه، وهذا مبرر أسمعه كثيراً في محيطي المجتمعي، وهو وهم شائع في كثير من مناطق الأطراف التي ألف غالبية أهلها السكون والدعة.
3 - أو (أبي مع أصدقائي) فتلفيه يلتحق بتخصص جامعي ليس لرغبة فيه، وإنما لأن عدداً من زملاء الدراسة في المرحلة الثانوية انخرطوا في هذا القسم، مع أن بإمكانه أن يختار غيره فدرجته الموزونة تمنحه هذا الحق، ومن يعدهم أصدقاء هم في الحقيقة زملاء وسيجد جزماً غيرهم في مسار حياته الجديد الذي مضى به عن قناعة ذاتية وبناءً على ما حصل عليه من درجات.
4 - وربما كان من التبريرات جلد الذات، واتهامه نفسه بأنه محدود الإدراك، ضعيف التحصيل (أنا وجه طب)، (وين أنا وأرامكو)، وقد يكون خلف ذلك خوفه من الفشل، وخشيته من تنمر من حوله فيه يوماً ما.
5 - وقد يبرر بالحظ (أعرف نفسي ما لي حظ، أضربها عدله تجي مايله).
6 - ومن بين التبريرات الشائعة في أوساط الشباب (هذه الوظيفة تحتاج إلى واسطة وأنا مالي واسطة)، ومع افتراض وجود هذا الداء - وإن صار اليوم أقل بكثير مما كان عليه حاله فيما مضى - إلا أنه من المجزوم به أن هناك الكثير من شباب الوطن وفتياته وصلوا إلى ما وصلوا إليه، وحققوا آمالهم، ونالوا مبتغاهم بتوفيق الله لهم ثم بجهدهم ومثابرتهم وطرد مثل هذه الأوهام والتبريرات المعشعشة في أذهان البعض للأسف الشديد.
دمتم بخير وإلى لقاء، والسلام.