لفظت العديد من الصحف الورقية أنفاسها وأغلقت تماماً, لأنها لم تستطع مواكبة التطورات الحالية في استدامة مصادر دخلها والتي تعتمد على الإعلانات والاشتراكات فقط, والتي انخفضت بشكل كبير جداً خلال السنوات الماضية, وتحول اعتماد معظم الجهات الحكومية والخاصة إلى ضخ كل ميزانياتها للتسويق عبر وسائل الإعلام الجديد بعيداً عن الصحافة الورقية.
والتي من المفترض أنها تمثل أحد أهم أشكال وسائل الإعلام التي تمارس دوراً مهماً لإنتاج الأخبار ونشر آخر المستجدات, وفي كونها تمثل حلقة وصل بين المجتمع والمسؤولين, ودورها في إنتاج المحتوى الذي يصنع التأثير ويزيد من الوعي في المجتمعات سواء بالأخبار أو التقارير أو التحقيقات الصحفية, ولعلها فقدت هذا الدور بسبب عدم قدرتها على المواكبة في إنتاج محتوى إخباري يتواكب مع سرعة المتغيرات بالرغم من الموثوقية الكبيرة التي تمتلكها هذه الصحف، فأصبح الكثير منا يتابع حسابات إخبارية على تويتر تغنيه عن أي وسيلة إعلامية أخرى وهنا أقول إنه لابد على الصحف من الاعتماد على حسابات التواصل الاجتماعي والموقع الإلكتروني لتكون منصة رئيسية للصحيفة الورقية في بث محتواها. إضافة إلى أهمية تنويع المحتوى المقدم ليكون محتوى مرئياً سواءً كتغطيات أو فيديوهات تعريفية وتكون على شكل تقارير أو مقابلات أو غيرها، وكذلك أهمية إنتاج محتوى مقروء بطرق مختلفة سواء انفوجرافيك أو كاريكتير أو تغريدات ترافقها صور حصرية تنشرها الصحيفة إضافة إلى إنتاج محتوى صوتي من خلال إنشاء بودكاست أو عبر المساحات في تويتر لاستضافة مسؤولين أو خبراء في مجالات محددة.
وليس إنتاج أنواع وأشكال مختلفة من المحتوى هي المعضلة الوحيدة بل إن التحدي الرئيسي في استدامة مصادر دخل هذه الصحف وهنا أرى أننا بحاجة ماسة إلى إحداث نموذج عمل جديد للصحف بحيث تكون الجهات الحكومية أو شبه الحكومية أو الشركات الكبرى المتخصصة راعية للمحتوى الذي يُنشر بها سواء كان بهدف التوعية أو التثقيف أو حتى الترويج لخدمات ومنتجات معينة وهو ماسيساهم في رفع جودة المحتوى.
وكذلك الاستفادة من التجارب الدولية في الصحف العالمية في تعزيز واستدامة مصادر دخلها منها مثلاً إنشاء محتوى حصري وتفصيلي للمشتركين رسوم رمزية.
وأخيراً لابد من تغيير وابتكار طرق جديدة للإعلانات المباشرة وغير المباشرة في الصحف. والتي سأضمن بعدها من ارتفاع مساهمة الصحف في أداء أدوارها الحقيقية ومساهمتها نشر الوعي وبث الأخبار بطريقة احترافية تدعم استمرارية بقائها.