عبد الرحمن بن محمد السدحان
* لهذه المدينة من اسمها نصيب، فهي «تستعير» من الشمس إشراقها ودفئها، ومن الغيث (حنانه)، وخيرَه، ومن (رومانسية) الليل هدوءَه وسلامَه.
* وهي في خاطري أرض الميعاد لأبي وأعمامي رحمهم الله جميعاً، أزورها بين وقت وآخر فأقرأ في جباه رجالها سير الشيم والصمود والإنجاز! وهي قبل هذا وبعده مسقط رأس سيدي الوالد رحمه الله وأرضاه، وكلّ مرة أزورها عَبْر مسار السنين السابقة، أرمق فيها تجدّداً وتجديداً كعروس تترقب طارقَ الخير!
* * *
أبها جارة الغيث
أبصرت النور قبل بضعة عقود في أبها، عاصمة جنوبنا الغالي، ترقد على ضفاف (وادي أبها) وتحيط بها من الشرق والغرب والجنوب جبالٌ تمنحُها هيبةً وجمالاً، ولن أنسَى جارتَها (الحسناء) (مُشيّع) التي يخترقُها وادي (البصرة).
* * *
* ولمشيّع صيتٌ (رومانسي) تنطق به جبالها عاشقة السحاب المضرّج بالمطر، تحيا به (مدرّجات) الزروع جمع (زرع)، التي تمتد في اتجاهات عدة، وأتمنّى لو أسهب في وصف تلك المشاهد الريفية الجميلة، وقد أوجزتُ الوصفَ لهضبة تعانقُ الغيثَ معظم أشهر العام!
* * *
فذلكةٌ خاصة!
* ليسَ لي في الحياة فلسفة مطرّزة بالأحرف والسطور، وإنْ جَاز لي التعبيرُ بمعنىً أدق قلت أنّ لي (رؤيةً) يُسيّرها إطارٌ شفّاف من (رومانسية) الحلم، وعشق المكان والزمان، ثم التفاؤل بما هو آتٍ، وما كتبه لي الرحمن جلّ جلالهُ حتى الآن خيرٌ كله، رغم بعض عواصف الزمان التي يلهمني ربّي الصبرَ ردْعاً لهَا! وأحمد ربّي أن منحني فضيلة الصَّبر على الخطوب وجَعَل لي من كل عُسْر يُسْراً!
* * *
* لولا تلك الوقفات من طمأنينة النفس وفضيلة الإيمان، والصبر الذي يباهي الصخورَ صبراً، ما استطعتُ أن أمتطيَ صهوة الجمل وأنا في ربيعي الثامن تقريباً من أبها إلى جازان، لأنضمَّ إلى (صدر) والدي رحمه الله، وإنني لجدُّ فخور بتلك الخصال رغم ما اخترقها من صعاب، فرضاء والدتي، رحمها الله، عني كان سلاحي الثمين في وجه الخطوب، والأعجبُ من ذلك، أن حبَّي لوالدتي وولائي لها كان يضطرني أحياناً إلى الابتعاد عنها بعض الوقت كيْ لا تشقى هي بشقائي! وحياتها كانت تتطلّب مني (تفرّغاً) لها ولو لبعض الوقت، والحمد لله.. من قبل ومن بعد.