لقد اهتمت الحركة الكشفية بالبيئة منذ تأسيسها على يد مؤسسها روبرت ستيفنسون سميث بادن بأول عام 1907م، الذي وضعها أولوية قصوى سواء في بنود قانونها، أو في مجالات طريقتها، وفي مبادئها، بل حتى في جزء من وصيته عند وفاته عام 1977م، والتي جاء فيها «حاول أن تترك هذا العالم أفضل قليلاً مما وجدته عليه»، فكانت هذه النصيحة مهمة في وقتها، وما زالت الآن تكتسب نفس القدر من الأهمية، إن لم يكن أكبر، ومستمرة في إلهام الشباب في جميع أنحاء العالم بالشأن البيئي، الأمر الذي جعل هناك رباط وثيق يربط الكشافة بالبيئة، حتى أنه نفذت العديد من المبادرات بالشأن البيئي ومن أهمها الاتفاقية التي وقعت بين المنظمة الكشفية العالمية WOSM، مع الصندوق العالمي لحماية الطبيعة WWF، خلال المؤتمر الكشفي العالمي الرابع والعشرين في نيروبي عام 1973م، والتي كانت تتضمن الاهتمام بحماية البيئة بين الشباب بطرق تربوية جذابة، واستمر ذلك الاهتمام بإطلاق العديد من المبادرات سواء على المستويات المحلية أو العالمية ومنها برنامج البيئة الكشفي العالمي، وقبيلة الأرض، ووسام كشافي العالم الذي جاءت البيئة أحد موضوعاته، وبرنامج رسل السلام الذي البيئة أحد أهم مجالاته.
وأمام هذا الاهتمام كان لابد من إعلام كشفي يوازي ذلك الاهتمام، فكان أن حرص المهتمين بالشأن الإعلامي الكشفي على تقديم إعلام كشفي يهتم بنشر القضايا البيئية وأبعادها ومخاطرها بين المنتمين للحركة الكشفية، باستخدام مختلف الوسائل الإعلامية التقليدية والحديثة لرفع مستوى الوعي بين منسوبيها وأفراد المجتمع بكل ما من شأنه المساهمة في الحفاظ على البيئة، خاصة عند ظهور حاجة ملحة أثر مشكلة بيئية، أو انتشار أوبئة، حيث يلعب الإعلام الكشفي البيئي خاصة من المتمكنين المحترفين لدى الجمعيات الكشفية الوطنية التي يبلغ عددها 172 جمعية كشفية حول العالم تضم أكثر من 60 مليون عضو، فضلاً عن 53 جمعية أخرى غير رسمية أو فرع لجمعية أخرى ، دوراً هاماً وكبيراً في تنمية الوعي بقضايا البيئة ومشكلاتها على الأقل لدى منسوبي الحركة الكشفية بتعميق شعورهم بواجباتهم ومسؤولياتهم تجاه بيئتهم ، ونشر مفاهيم التنمية المستدامة، والتوعية بمخاطر العبث بعناصر البيئة المختلفة خاصة عند إقامة المناشط الكشفية في الخلاء الذي هو جزء مهم من الطريقة الكشفية العالمية.
ومع ذلك كله، ورغم أن الإعلام الكشفي البيئي بدأ قبل أن يظهر الإعلام البيئي كأحد تخصصات الصحافة والإعلام بعد مؤتمر البيئة في استوكهولم عام 1972م، أرى من وجهة نظري أنه لازال في حاجة ماسة إلى التطوير والتأهيل خاصة مع الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال، الذي أصبح له دوره التأثيري المباشر في تشكيل الرأي العام ومناقشة أولوياته ومنها البيئة كأحد أهم وأبرز التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحالي، الذي يشهد تفاقماً في الوضع البيئي على كل المستويات، بإيجاد إعلاميين كشفيين قادرين على تسخير الإعلام كاداه تعمل على توضيح المفاهيم البيئية ونشر الثقافة البيئية والرقي بالوعي البيئي لدى منتسبي الكشفية وأولياء أمورهم ومجتمعهم المحيط بهم ، بإعلام جاذب يفهم الظروف المحيطة به، وقادر على إحداث التأثير من خلال ما يطرحه، ومن خلال جيل الشباب بجنسيهم باعتبارهم الأكثر تأقلماً ومعاصرة للإعلام الحديث، والأكثر اهتماماً وتأثراً به، على ألا نبتعد كثيراً على الأقل في الوقت الراهن عن الإعلام عبر الوسائل التقليدية التي حتى وإن كانت لا تتكيف مع الوسائط العصرية المتناغمة والمتناسقة مع العصر الرقمي المواكب للتطور المعلوماتي والمعرفي ، إلا انه لازال لها متابعوها والمهتمون بها.
** **
@mawdd3