د.عبدالعزيز العمر
في هذه المقالة سأتحدث عن تجربتي الأولى في الابتعاث التي خضتها دون نجاح، فقبل أكثر من 40 عاما انهيت بنجاح دراسة السنة الاولى الجامعية، وتصادف حينها ان اعلنت وزارة المواصلات (اختفى هذا المسمى اليوم) عن رغبتها في ابتعاث عدد من خريجي الثانوية العامة إلى الولايات المتحدة الامريكية، وتولت وزارة المعارف (اختفى هذا المسمى اليوم) القيام بترشيح من سوف يتم ابتعاثهم، والتواصل بشأنهم مع الملحقية الثقافية الأمريكية، وتم اشعاري بترشيحي ضمن المبتعثين، لكن هذا الخبر نزل كالصاعقة على والدي ووالدتي رحمهما الله (عرفت ذلك لاحقا). وكانت بداية الاستعداد للبعثة بالتوجه إلى شارع الثميري لتفصيل بدلة كاملة بصحبة خالي الذي عاد للتو من بعثة إلى ايطاليا، ثم التوجه بعد ذلك إلى البطحاء لشراء راديو موجات قصيرة (short waves) للبقاء على اتصال بالوطن. خلال هذه الفترة تواصل معي بعض الوجهاء بتحريض من والدي لاقناعي بالعدول عن البعثة واكمال دراستي الجامعية في وطني، التي انهيت منها سنة، ثم التفكير في الابتعاث لاحقا، لكنني كنت مصمما على الابتعاث. سحبت شهاداتي الاصل من كليتي وارسلتها الوزارة إلى الملحقية في امريكا، ثم فوجئت انه كان يجب علي ان احصل على تأشيرة دخول امريكا، وكانت السفارة الأمريكية حينها في جدة، فقرر والدي صباح يوم أن يذهب نيابة عني (ربما خوفا علي) إلى السفارة في جدة لاستخراج الفيزا. وفي صباح نفس اليوم توجهت أنا إلى وزارة المعارف لاتابع موضوع ابتعاثي، وهناك انقلبت الامور رأسا على عقب، فقد اقنعني احد مسؤولي الوزارة بصعوبة الدراسة في أمريكا وطولها واحتمال الفشل (علمت لاحقا انه يريد إدخال شخص في البعثة بديلا لي)، نعود إلى الوالد الذي توجه في ذلك الصباح إلى موقف الباصات في طريق الحجاز بقصد التوجه إلى السفارة الامريكية في جدة لاستخراج تاشيرة دخول امريكا لي (طبعا حينها لن يستطيع).