خالد بن حمد المالك
يسود العالم حالة من القلق، والشعور بالخوف، بسبب ما أفرزته الحرب الروسية - الأوكرانية، وما خلفته من تداعيات اقتصادية وغذائية وأمنية، وما يمكن أن تجره من حرب عالمية ثالثة قد يكون هناك ضرورة لها إذا ما خرجت الحرب عن سياقها المرسوم روسيًا.
* *
فالحرب التي قُدرت لها فترة زمنية قصيرة، ها هي تمتد إلى شهور، وكل المؤشرات تتحدث عن مزيد من الوقت الطويل للوصول إلى أهدافها في ظل المقاومة الأوكرانية المدعومة عسكريًّا بالسلاح المتقدم من الولايات المتحدة والغرب.
* *
وللأسف أن أحدًا من الدول الكبرى، ومن القادة والزعماء الكبار لم يكلفوا أنفسهم قبل الحرب وخلالها بإظهار رغبتهم بتسوية الخلافات من خلال الحوار، ومعالجة أسبابها، بما لا يجعلها تصل إلى ما وصلت إليه، بل إن هذه القوى تشارك في هذه الحرب - وإن كانت مشاركتها بشكل غير مباشر - أعني من خلال تشجيع أوكرانيا على المقاومة، وتزويدها بالأسلحة المتطورة.
* *
إن أي خطأ في الحسابات من هذا الطرف أو ذاك، أو من كل الأطراف، قد يقود إلى حرب عالمية، مع أنه من المبكر التنبؤ بذلك من الآن، غير أن درء الشر يجب أن يكون هَمَّ الدول القادرة على إيقاف هذا النزيف المتصاعد في الحرب الروسية - الأوكرانية.
* *
وبالمجمل، فقد خسرت روسيا الكثير من قياداتها العسكرية، ومن أسلحتها ومالها، وفي المقابل فإن أوكرانيا تفقد يوميًّا الكثير من قياداتها العسكرية، وأراضيها، ويتم تدمير ما لم يسقط بعد من أراضيها بأيدي القوات الروسية.
* *
ليس هذا فقط، وإنما بدأت دولٌ كثيرة تعاني من افتقارها للقمح الروسي والأوكراني، ومن توقف إمدادات الروس للغاز والنفط لدول أوروبا ما لم تدفع القيمة بالعملة الروسية في مواجهة مواقف أمريكا والدول الأوروبية من هذه الحرب.
* *
وبالتأكيد فإن العقوبات التي اتخذتها أمريكا ودول المجموعة الأوروبية ضد روسيا، والعقوبات الروسية المضادة بحق أمريكا ودول الناتو، إنما تبقي فتيل الحرب الروسية - الأوكرانية مشتعلاً، وقابلاً للانفجار، بما يؤذن بحرب عالمية ثالثة غير مستبعدة.
* *
وإن قيام الحرب العالمية لا يحتاج إلى أكثر من ضغط على زر من إحدى الدول التي تملك ترسانة نووية، وقد تلجأ إليه أي دولة عند الاضطرار، وهذا يعني أهمية عدم التصعيد، والدخول في مسار الحوار لمعالجة أسباب هذه الحرب، حتى ولو تم القبول ببعض التنازلات.
* *
وحسنًا إذ وقف مجلس التعاون لدول الخليج موقف المحايد، فلم يجُر إلى الانحياز لهذا الطرف أو ذاك كي لا يكون طرفاً في هذه المشكلة، مع ما أبداه المجلس - المملكة تحديدًا - من استعداد لتبني العمل على تسوية المشكلة، ونزع فتيل المعارك الدموية التي تجري الآن.
* *
وعلى العقلاء من حكام دول العالم، أن يحولوا دون استمرار هذه الحرب اليوم وليس غدًا، حتى نحد من عدد القتلى والمصابين والمهجرين، ونمنع المزيد من الدمار، والخسائر المادية، وتأثر العالم في اقتصاده وغذائه، فالمشكلة أعمق وأكبر من أن يقف العالم منها موقف المتفرج، أو الداعم والمناصر لهذا الطرف أو ذاك.