الجزيرة الثقافية - مسعدة اليامي:
جرت الكتابة الإبداعية في دمها خلال مقاعد الدراسة، فكانت تدون يومياتها بحروف دافئة، وذلك متجلٍّ في كتابتها التي بين دفات كتبها الثلاثة ومن خلال ما تنشر من مقالات تنم عن صوت تطوير الذات البشرية، وعبر ما ترمي به في سلة التويتر من تغريدات تتسم بالحكمة والعمق الجمالي فمن يملك القدرة على دفعها بأن تدفع روايتها التي لا تزال في الدرج إلى المطبعة.. ضيفة اللقاء هي الكاتبة وفاء آل منصور.
* كيف شققتِ الطريق إلى موهبتك وما أسقيتِ ذلك الحقل؟
- لقد كانت الكتابة رفيقة الدراسة من المرحلة المتوسطة وحتى تخرجي من الجامعة، في هذه المرحلة بالذات كانت الكتابة ترافقني من خلال كتابة مذكراتي اليومية، حتى وصلتُ لكتابة النصوص الأدبية والمقالية ، وكانت الأديبة : أحلام مستغانمي نافذتي الأولى المُطلة على الأدب، فالكتابة من وجهة نظري ليست متنفساً فحسب، فالكتابة تحول الحزن إلى فتات والوجع إلى حطام تقضي على شعورنا بالوحدة ، وتجعلنا مستعدين لخوض التحدي مع الورق، الكتابة صنعتني والقراءة صقلتني، فحيث القراءة تكون الكتابة تجاورها بل ترتع بأحضانها ، فقط تريد قلباً قوياً وروحاً تتعطش للصراخ على أطلال الورق، كي ترمي بسهام الألم على أهداب الصفحات النائمة حتى تتمكن من الاستيقاظ مجدداً من سباتها العميق.
* أنتجتِ إلى اليوم ثلاث ثمرات إبداعية.. حدثينا عن كل ثمرة وحدها بسهر الليالي ورائحة الانتظار وفرحة الخروج من المطبعة؟
- لقد كان لكل إصدار لهفته وشعوره ولكن يبقى للإصدار الأول ( أكوام دفينة) شعور متفرد عن غيره أشبه بشعور احتضان مولودك الأول، لقد كان نتاج حصيلة سنين الدراسة الجامعية وما بعدها، امتزج بكل مشاعر الإنسانية من ( فقد - ألم - قوة - تفاؤل وحب) وغيرها الكثير، أما كتابي الثاني (ولو بعد حين) فقد كان نتاج النضج وقوة الحرف التي وصلتُ إليها من خلال الاطلاع والقراءة لكبار الكتاب في جميع الوطن العربي، كان حصيلة وتجميع جميع مقالاتي التي تم نشرها في جميع الصحف السعودية، وأعتبره بمثابة منعطف النجاح لي في عالم الكتابة، يليه إصداري الثالث (قُبلة من ماء) ولن يكون الأخير - بإذن الله - تعمدت أن أجرب فيه فن القصة القصيرة التي تجرأت أن أقتحم أسوارها وأكتبها ومن وجهة نظر القارئ أظن بأنني نجحت فيها، والقادم أجمل - بإذن الله -.
* هل الموهبة تكفي، وإلامَ تحتاج حتى تزداد جمالاً؟
- الموهبة كالبذور التي نزرعها ولن تنال من جمالها حتى تسقيها وترعاها وتعتني بها حتى تثمر وتقطف ثمار ما زرعته ، كالكتابة بالضبط لن تنمو وتكبر إلا من خلال القراءة المستمرة والممارسة الدائمة.
* كيف تصنفين نصوصك وماذا قيل لك عنها؟
- كتاباتي تكون في الغالب وليدة شعور اللحظة الحالية، أدوِّنها حسب الفكرة والحدث وبعد الانتهاء منها أصنفها إن كانت تميل للجانب المقالي أو النصي ، وفي الغالب أجمع بينهما لأخرج بفكرة عميقة وحسية تلامس شعور القارئ.
* سمعتُ من العصفورة أن في الدرج رواية لم تطلقي حريتها بعد فمتى يكون الإفراج؟
- يؤسفني القول إنها لازالت حبيسة الأدراج لسنين، فكتابة الرواية على وجه الخصوص تحتاج سماداً كافياً من الحبكة والتمكن حتى تنضج وتصبح حقيقةً يتداولها الملأ.
* ماذا يعني لك بحر الرواية العربية والعالمية وهل ترين نفسك هناك ذات يوم؟
- الرواية العربية والعالمية نبع الأدب الذي نستمد منه لغتنا الأدبية حتى يومنا هذا ، نعم لازلتُ أرى في نفسي الكاتبة التي ستصل يوماً للعالمية من خلال أي نوع من الأدب وليس حصراً على الرواية فقط ، لازالت هذه نظرتي لنفسي منذ أن عانقت عالم الكتابة.
* تغريداتك بنكهة الكرز التي منها (لسنا لأحد إنا لله وإنا إليه راجعون) ماذا تعني (ألم، وجع، يأس، تحديد مصير) أو إلامَ ترمز؟
- لطالما كان الناس يخافون من هذه الكلمات حينما يتم تدوينها على خلفية سوداء فأصبحت دليلاً على الفقد والحزن بالنسبة لهم، لم يتعمقوا في كل حرف منها (من نحن وإلى من نعود).
* التغريدات عبارة عن يوميات لجدار الإلكتروني أم أن لك وجهة أخرى فيما بعد؟
- قد يكون لها وجهة فيما بعد من يدري فتقلب النفس البشرية أسرع من تقلب الأيام.
* تكتبين المقال في بعض الصحف ما أهمية ذلك بالنسبة لك وما الموضوعات التي تحرصين على طرحها؟
- المقال واجهتي الأولى نحو القراء من خلال الصحف أسعى دائماً أن يكون ما أكتبه عن غير المتداول والمكتوب في تلك الفترة؛ لأن السائد في عالم الكتابة أن يكون مقالك وعنوانه حسب ما يُطرح في الساحة من مشاكل وقضايا مجتمعية يتم تحويلها لمقال من خلال كاتب العمود المقالي في أي صحيفة، المهم أن يواكب الحدث ويكتب عنه ، وهذا ما جعلني أرفض في كل مرة أن أكون كاتبة أسبوعية وحصرية لإحدى الصحف؛ لأنه سيتوجب علي أن أواكب قضايا المجتمع الأسبوعية وأنا من وجهة نظري الكتابة حرة لا تقنن ولا تفرض على موضوع أو حدث معين . وغالباً أحرص أن يكون مقالي بعيداً عن الأحداث السائدة والحالية.
* الكاتبة وفاء كيف ترين التطوير الذاتي للمبدع خصوصاً في ندرة الورش والدورات من قبل المؤسسات الحاضنة التي ترتقي بالموهبة في الأدب؟
- أرى أن الكُتَّاب لدينا لا يُنسب إبداعهم إلا لأنفسهم فقط، فهم من سعوا وعملوا على موهبتهم وطوروها من خلال جهدهم الشخصي وبحثهم واطلاعهم، لا من خلال الدورات والورش التي أراها من وجهة نظري واجهة إعلامية لا غير رغم ندرتها.
* ألا ترين أن الكتابة في أكثر من فن أدبي استنزاف للوقت أم أنك تمتلكين قدرة على العمل بقواعد تناسبك وما هي؟
- الكتابة بالنسبة لي لا تندرج تحت أي مسمى معين، مَن امتلكته الكتابة أصبح مرهوناً لكل فنونها، وقادراً على الغوص في جميع أسرابها.
* ما المقصود بكتابة المحتوى وما المحتوى الذي تقدمين لمن يتابعك وفي أي المجالات الأدبية؟
- الكتابة في الآونة الأخيرة أصبحت مهنة حالها كحال باقي المهن، ومع سرعة التطور الإلكترونية في وسائل التواصل الاجتماعي أصبح السباق تنافسياً بين رواد الأعمال والمصممين والمنتجين وكبار الشركات التي أصبحت بدورها تبحث عن مسميات مميزة لعلاماتهم التجارية جاذبة للعملاء، فكان لكُتَّاب المحتوى النصيب الأكبر من هذا التسارع وأصبح الكثير منهم يستعين بكتاب محتوى محترفين لصياغة إعلاناتهم وإدارة حساباتهم بمحتوى يومي بغرض جذب المتابعين وكي يحقق حسابه أقصى فائدة من بين الحسابات الأخرى.
* الموهبة العاطلة عن العمل ما الذي تحتاج إليه من الوطن، المجتمع الممثل في رجال وسيدات الأعمال، الأسرة، المبدع ذاته؟
- من لا يدعم نفسه لن يدعمه المجتمع، لأجل هذا تحتاج الموهبة من الشخص نفسه أولاً إلى إثبات وجوده وتكثيف سعيه حتى يظهر للعلن، وتوفيق الله سبحانه وتعالى قبل كل شيء.