تركي الفيصل في تقديمه للكتاب: يزداد فخري بمثل هذا النموذج البديع الذي يحكيه الكتاب الحافل، وأسدي شكري لهذا المثل الحي المجسد لما تعنيه المملكة
صدر مؤخراً كتاب يحكي سيرة السفير عبدالمحسن بن محمد المحمد السديري وتجربته في الإدارة الدولية حيث يعد أول سعودي وخليجي يصل إلى منصب مثل (رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية «الإيفاد»)، وقدم للكتاب صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل حيث قال (سيجد القارئ في هذا الكتاب سيرة السفير عبدالمحسن السديري وتجربته الدولية، وهي تجربة تستحق التأمل، فقد سبقها عمل محلي داخل المملكة، وتبعها تمثيل دبلوماسي للخارجية السعودية في بلدين أحدهما عربي والآخر أوروبي، كما سيطلع القارئ على الشهادات والإشادات التي قيلت في حق السفير السديري من زعماء كبار، مثل الملك فهد -رحمه الله-، والرؤساء ريجان، وميتران، وضياء الحق، ومبارك، وجاوارا، وكذلك الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة خافيير بيريز ديكويار).
وأشاد سموه بسيرة السفير السديري قائلاً ()
وتضمن الكتاب الذي تجاوز عدد صفحاته الـ330 صفحة وصدر عن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي تسعة فصول تناولت سيرة السفير السديري من نشأته الأولى حيث ولد في عام 1355هـ، (1936م)، وتعليمه حيث أنه بناءً على نصيحة من الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- التحق عبدالمحسن السديري بالمدرسة التي افتتحت في قصر المربع لتعليم أبناء الملك عبدالعزيز وكبار أحفاده، حيث تزامل مع عدد من أصحاب السمو الأمراء أبناء الملك عبدالعزيز مثل الأمير فواز والأمير طلال - رحمهم الله- وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، كما درس في مدرسة أبناء الأمير عبدالله بن عبدالرحمن، وفي المدرسة المحمدية بالرياض، ثم أكمل تعليمه في مدارس الجامعة الأمريكية في بيروت ونال منها شهادة الثانوية، ثم تخرج في جامعة كلورادو الأمريكية وحصل على البكالوريوس في الزراعة، وعاد لأرض الوطن والتحق بالعمل في وزارة الزراعة، ورغم أنه يحمل شهادة نادرة بين أبناء جيله ووطنه في ذلك الوقت إلا أن هاجس الدراسة ظل مقترناً مع عبدالمحسن السديري فعاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الماجستر، حيث حصل عليه في تخصص العلوم من جامعة أريزونا عام 1386هـ.
وبعد عودة السفير السديري كلف في مكتب الوزير الأستاذ حسن المشاري مشرفاً على مركز التدريب حيث عمل على تفعيله، وأتاح وجوده في هذا المكان له الفرصة لمناقشة الخبراء الذين يأتون للوزارة وهو ما كوّن لديه علاقات دولية مع المتخصصين وتصور عن الوضع الزراعي الإقليمي والعالم، ولهذا تم اختياره ممثلاً عن المملكة في منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) عام 1391هـ، وبعدها صدرت موافقة مجلس الوزراء على أن يكون مندوب المملكة لدى (الفاو) دائماً بدرجة سفير.
وعرج الكتاب على عمل السفير السديري مندوباً للمملكة في الفاو 6 سنوات تقريباً، حيث أدى نشاطه الملحوظ إلى جعله في دائرة الضوء وقريباً من قيادات المنظمة وممثلي الدول فيها، ومعروفاً لدى الوسط الدبلوماسي والحكومي في إيطاليا، وهو ما أكسبه الخبرة العملية والعلاقات الوثيقة، وشغل خلال تمثيله المملكة في منظمة الفاو منصب رئيس مجموعة الشرق الأوسط التابعة للمنظمة، كما انتخب رئيساً للجنة المعونة الغذائية لبرنامج الغذاء العالمي في عام 1976م، وبناءً على هذه الخصائص اختير السديري ليكون ضمن اللجان العاملة لإنشاء منظمة دولية جديدة لصالح التنمية الزراعية في الأرياف ومناطق الفقراء، وتسعى لزيادة المحصول الغذائي في المجتمعات الفقيرة، وكان رئيساً لمجموعة منظمة أوبك خلال مؤتمر الأمم المتحدة الذي عقد في روما في يونيو 1975 لإنشاء هذا الكيان الجديد.
وجمع السديري بين هذه اللجان في نشاط دائب لا يفتر إلى أن رشح بالإجماع رئيساً للمنظمة الجديدة، المعروفة بالصندوق الدولي للتنمية الزراعية «إيفاد»،حيث يعد أول سعودي وخليجي يصل إلى منصب مثل هذا، وأعيد ترشيحه لرئاستها مرتين إلى أن غادرها مختاراً عام 1984م.
بعد ذلك تناول الكتاب ما تولاه السديري من مهام حيث إنه بعد عودته إلى المملكة وجد بانتظاره مهمة جديدة إذ رشح سفيراً للمملكة لدى السودان فعمل لمدة 4 سنوات حتى عام 1989، حيث أدار خلال هذه المدة عمليات الإغاثة السعودية المستمرة، بعد موجات الفيضانات المدمرة التي سبقها جفاف طويل، وحين انتهت مدة عمله في سفارة المملكة في الخرطوم ودع بحفل مهيب شاركت فيه شخصيات وفعاليات سودانية برعاية رئيس الدولة وحضور نائب الرئيس ممثلاً عنه، وبعدها جاء تعيينه سفيراً للمملكة في هولندا أواخر 1989م حتى 1995م.
كما اشتمل الكتاب على تفاصيل لكيفية نشأة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية، ورئاسة السديري له، والمنجزات خلال تسعة أعوام، بالإضافة إلى الشهادات والإشادات التي قيلت في حق السفير السديري من زعماء كبار على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، كما تناول الفصل الأخير تفصيلاً لأسلوب السفير عبدالمحسن السديري الإداري، وختم الكتاب بأخبار وحوارات صحفية خلال مسيرته الدولية وصور متنوعة من أبرزها لقاءاته مع زعماء دوليين.