مررتُ على بابها وهي جالسةٌ يجاورها همُ العيشِ ومرارةُ الحربْ.
وقفتُ ثم ترجلتُ نحوها وكأنها تتأملُ سرابًا من بعيد، دون أن تبدي اهتمامًا بما أحملهُ ليلةَ عيدْ.
قطعتْ علي طريقي أخيتها ولغز المكانْ، جاءت فرحة تناولت مني ماكُنتُ أحملهُ وصرخةٌ تنادي من هم خلف ذاك الباب العتيقْ.
هربت مسرعة خوفًا أن يقطع سعادتها صوتًا من بعيدْ، ومازلتْ تجلسُ لا تُبدي شيئًا من طفولتها غير أنها طفلةٌ في عمرٍ قصيرْ.
ناديتها وكأن الصوت لا يعني لها غير منادٍ في طريقْ، ناديتها حتى أمعنتُ النظر في عينيها لعلي أبدي لها شيئًا من حلمٍ عنيدْ.
تمهلتْ بثقلٍ ونظرت حتى قرأتُ الحزن من عينيها في كتابٍ لم يدون فيهِ غير الوعيدْ.
نظرتْ وكأن لسانِ حالها تقولُ ماذا بعدُ فهل من شيءٍ يؤلمُ بعد حاجةٍ من ناسٍ لم تبدِ لنا من عيشٍ رغيدْ.
مهلاً طفلتي فلن أكون غير مرسولٍ من عطاءٍ كثيرْ يجزي به الرحمنُ حاملهُ، ولكِ من عطائهِ كرمٌ هو الرحيمُ ونحنُ من دونهِ سندٌ في عطاءٍ لا ينقصُ، فلا تبخلي بفرحةٍ تنجيكِ من همٍ عاتيْ.
طفلتي لما هذا الحزنَ وأنتِ بكرٌ في عمرٍ مديدْ
لما أنتِ كهلةٌ في جلسةٍ وتفاصيلُ الجمالِ تُحيي روحكِ الجميلة.
كوني كما لو كُنتِ أنتِ الحُلمَ البعيد، أنعشي ضحكتك وجندي روحًا تملأ قلبكِ العنيدْ، وأهجري خيالاً وفكرًا وحربًا لن تنجيكِ من عبثَ السنين، وأقضي عمرًا بهِ شوقًا ليومٍ ليسَ بهِ من شيءٍ مريرْ.
طفلتي مازلتِ تكبرين والهمُ عنيدْ، في زمنٍ لا يقوى عليهِ إلا جلاّدٌ خبيرْ.
فامضي نحو هدفٍ لعل الحظ من الرحمنِ ميسرًا، وامسحي من حزنك على بابٍ قد يُشرعُ لفرحٍ سعيدْ.
** **
- سليمان بن عبدالله الظفيري