بحثت في المظانّ اللغويّة فلم أجد فيها الجذر (ص ن ت) بل وجدت (ن ص ت)
وقد أكّدت المعاجم اللغويّة ذلك؛ جاء في المعجم الوسيط : « نَصَتَ له نَصْتًا: سَكَتَ مستمعًا، وأنصتَ استمع وأحسن الاستماع للحديث، وانتصتَ له نصتَ، وتنصّت تسمّعَ وتكلّف النصت ، واستنصتَ وقف منصتًا … والإنصات هو أقوى درجات الاستماع».
يؤكّد ذلك الشاهد القرآني.. قال الله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ). سورة الأعراف ، آية (204).
لذلك خطّأ اللغويّون قول من يقول : فلان يتصنّت للحديث أي يتسمّع له مع شيوع هذا القول ؛ لأن الجذع ( صنت ) غير مذكور في المعاجم فالصواب عندهم: (فلان يتنصّت للحديث) بتقديم النون على الصاد في الفعل المضارع.. والماضي منه (أنصتَ فلان للحديث) والأمر (انصِتْ يا فلان للحديث).
والمصدر الإنصات. فهذا هو الاستعمال اللغويّ الصحيح؛ لأنّ الأصل الصحيح هو (نَصَتَ) لا (صَنَتَ) فالنون مقدّمة على الصاد في أصل الكلمة، وفي تقليباتها الصرفيّة - غير أني ألتمس
وجهًا له ما يُسوّغه للفعل (يتصنّت) وهو القلب المكاني بين الصاد والنون والقلب المكاني ظاهرة لغويّة في الأفعال والأسماء وتوسّعَ فيه الكوفيّون في حين نجد تحفّظًا من البصريين حياله وتقييدًا له.
ومهما يكن من شيء فقد أجاز العلماء القلب المكاني في كثير من ألفاظ اللغة مثل جَذَبَهُ وجَبَذَهُ ،وفَشَحَ وفَحَشَ ،وأيِسَ ويَئِسَ ، وصاقعة وصاعقة، وصواعق وصواقع.. الخ ؛ وهو انعكاس لاختلاف لهجة عن أخرى؛ لذلك لا أجد ما يمنع من القلب المكاني في يتنصّت ما دام القلب المكاني له ما يسوّغه.
** **
- أ.د.عبدالله الدايل