رمضان جريدي العنزي
الطبائع تختلف من شخص لآخر، والسمات والصفات كذلك، لا يمكن أن تكون أنفس الناس على درجة واحدة من النقاء والصفاء والبياض والشفافية والوضوح، فأصحاب النفوس الكبيرة دائماً يتصفون بالركادة والرزانة والأناة والحلم، والترفع عن الدنايا والخطايا، والبعد عن الإساءات والمناكفات والتحاسد والتباغض، والأخطاء والزلل.
أما أصحاب النفوس الصغيرة، فهي الذين تشتعل في نفوسهم مراجل الغل والحقد والحسد، والسخط على الناس، يهوون الهجاء الفظ، والنقد غير المفيد، ويميلون للنجاسة والخبث، إن أصحاب النفوس الصغيرة يتميزون بانفصام الشخصية، وبتلون المواقف وتبدلها، ولا يثبتون على خط معين، ولا رأي واحد، يلهثون وراء كل خراب ودمار وتفرقة، ويفرحون بالسيئ من الأعمال والنتائج، يهمزون ويلمزون ويمشون بالنميمة، عندهم معائب ومثالب ما الله بها عليم وخبير، ما بينهم وبين الشهامة والنبل بون شاسع كالذي بين الأرض وزحل، يتبجحون بأنفسهم الواهنة، ويحاولون رفعها إلى درجة عليين، يحاولون أن يظهروا للناس غير ما يخفون، لهم وجوه متعددة، وألسن طويلة، وينطقون بغير ما يسرون، يمارسون الخداع والدجل بشكل كبير، كلامهم طائش، وحركاتهم مفلوتة، ينحدرون للصغائر ولا يحاولون الترفع عنها، إن تصدقوا ولو بقيمة بسيطة، جعلوا منها كبيرة أسمعوها للقاصي والداني، ينفخون في مزاميرهم حتى في المآتم، إنهم أسّ الخصام في الأرض، صدورهم ضيقة، وحكمتهم ملغية، هم مبعث الهم والغم والقلق.
إن العقلاء أصحاب النفوس الكبيرة يترفعون عن دنايا أصحاب النفوس الصغيرة ويبتعدون عنهم مسافات وأميالاً طويلة، ليتركونهم وحدهم يصطلون بنيران أحقادهم وأضغانهم، إنهم ملح الحياة، وشجر الأرض، وواحات خضرة ندية، وأنهر عذبة، ومناظر تسر الناظرين.