د. مساعد بن سعيد آل بخات
أقرّت وزارة التعليم في توزيع الأيام الدراسية للفصل الدراسي الثالث لهذا العام 1443 بأن يكون الأسبوع الثاني عشر يبدأ من 13-15/ 11 كأيام دراسية حضورية، ويومان من 16-17/ 11 إجازة مطولة.
كما أقرّت وزارة التعليم بأن تكون فترة الاختبارات النهائية للفصل الدراسي الثالث خلال الأسبوع الثالث عشر (20-24 / 11) للاختبارات العملية والتقويمية مع انتظام الجدول المدرسي للحصص عند الطلاب والطالبات، والرابع عشر (27-1/ 12) للاختبارات النظرية فقط.
ومن الملاحظ أنَّ هناك فكرة شبه سائدة عند بعض أفراد المجتمع وهي أن الأسبوع الذي يسبق الاختبارات هو (أسبوع ميت) لا جدوى من حضور الطلاب والطالبات له، إلا أنه في الحقيقة أسبوع دراسي كسائر الأسابيع الأخرى يوجد به حصص دراسية وشرح لبعض الدروس المتأخرة، ومراجعة بعض الدروس المهمة، والإجابة عن الأسئلة الصعبة التي تواجه الطلاب والطالبات في المنهج الدراسي، وتوضيح آلية الاختبار النهائي ... إلخ.
لذا فإن بعض المدارس تُعاني من حرص بعض الطلاب والطالبات وأُسرهم على الانضباط المدرسي في هذه الأيام الأخيرة من الفصل الدراسي، والذي يوحي لنا بأن هناك فجوة بين حرص وزارة التعليم على إفادة الطلاب والطالبات بأكبر قدر من المعارف والمعلومات حتى آخر يوم دراسي مع تقاعس بعض الأُسر لتحفيز أبنائهم الطلاب وبناتهم الطالبات على الحضور للمدرسة والاستفادة من المعلمين والمعلمات.
إنَّ أهمية الانضباط المدرسي تتعدى موضوع العلم والتعلم إلا ما هو أعمق من ذلك، فهو يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار في المدرسة؛ ما يؤدي لاحقاً إلى انتقال هذا الأمن والاستقرار في المجتمع، ويساهم في حفظ حقوق الأفراد، ويُعد كطريقة وقائية من الوقوع في الانحراف والجريمة، وقد يُرسم من خلاله طريق ناجح لحفظ أمن هذا الوطن الغالي على أنفسنا.
ومما يجدر الإشارة إليه أنَّ تحقيق الانضباط المدرسي لا يتحقق من خلال المدرسة فحسب بل جميع مؤسسات المجتمع مسؤولة عنه وتشارك فيه لدعمه وتعزيز (كالأسرة والمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام وغيرها).
فالأسرة هي الوعاء الأول في المجتمع الذي يحتضن الطفل؛ فتقوم بدور التنشئة الأسرية التي تُبنى على أساس غرس الدين والقيم والأخلاق في نفوس الأطفال، التي ستساعدهم مستقبلاً في أن تكون سلوكياتهم صحيحة ومتوافقة مع المعايير المتفق عليها من قِبَل المجتمع؛ وبالتالي تضمن الأسرة أن تكون تصرفات أبنائهم الطلاب وبناتهم الطالبات في المدرسة بما يتماشى مع الأنظمة واللوائح المعتمدة من وزارة التعليم.
كما أنَّه يتوجب على الأسرة أن تتابع سلوكيات أبنائهم الطلاب وبناتهم الطالبات في المدارس، فإن كانت إيجابية تعزِّز هذه السلوكيات، وإن كانت سلبية توجه وتعدل هذه السلوكيات.
وعندما تحرص الأسرة على أن يكون أبناؤهم الطلاب وبناتهم الطالبات متفوقين دراسياً فهذه الأسرة تساعد بشكلٍ كبير في تحقيق الانضباط المدرسي، كيف؟!
فقد أثبتت الدراسات أن الطلاب والطالبات المتفوقين دراسياً يكونون أكثر انضباطاً في المدرسة من غيرهم من الطلاب والطالبات الضعيفين دراسياً.
أيضاً أثبتت الدراسات أن غالبية من يدخل السجون هم من الأفراد الضعيفين دراسياً، أو من الذين انسحبوا من المدرسة (بالتسرّب).
ولا يفوتنا أنْ نؤكد أنَّه بتواصل الأسرة مع المدرسة، إما من خلال الزيارات المتكررة أو في مجلس أولياء أمور الطلاب والطالبات، يجني الوطن ثمار تلك العلاقة الوطيدة من خلال إنتاج أجيال تنشأ على حب واحترام النظام داخل أسوار المدرسة وخارجها.
ولا ننسى أيضاً ما للأسرة من تأثير كبير على أبنائهم الطلاب وبناتهم الطالبات من حيث حثهم على الحضور للمدرسة، وعدم التأخر عن الحصص الدراسية.
إذاً فأساس الحث على الانضباط المدرسي يبدأ من الأسرة.
ولا نغفل دور المسجد في توعية ونصح الشباب والفتيات بأهمية الحرص على طلب العلم والانضباط فيه، مع الاستشهاد ببعض قصص أعلام المسلمين كالقابسي والغزالي وابن خلدون وغيرهم ممن ارتحلوا في طلب العلم، وأكدوا أهمية الالتزام في التعلم.
ولوسائل الإعلام دور مهم من خلال نشر ثقافة الانضباط المدرسي بين أفراد المجتمع، سواء في الصحف الورقية والإلكترونية أو بنشر مقاطع فيديو في القنوات الفضائية الرائدة لمدارس متميزة في الانضباط المدرسي.
كما أنَّ لجماعة الرفاق تأثير كبير على انضباط الطلاب والطالبات في المدارس من عدم ذلك، فمصاحبة طالب لطالب آخر متفوق دراسيًا كفيلةٌ بانضباطه في الحضور للمدرسة والاستفادة من المعلمين، والعكس صحيح.
ختامًا..
الانضباط المدرسي ليس مسؤولية وزارة التعليم فحسب، بل إنه مسؤولية مؤسسات المجتمع ككل لتخريج جيل يقدِّر العلم ويعرف مدى أهميته للرُّقي بالنفس والوطن.