محمد ناصر الأسمري
قبل بضعة عقود أخرج الشيخ الأستاذ أحمد السباعي -رحمه الله- من ضمن ما أصدر من مؤلفات راقية، كتابين كانت لي معهما مسيرة ولقاء في مقتبل حياتي. الأول تاريخ مكة الذي قرره علينا في السنة الأولى في جامعة الرياض أستاذي الدكتور عبد الله الوهيبي - رحمه الله- كان كتاباً جميلاً رصد تاريخ مكة المكرمة حتى أواخر العهد الهاشمي وأكثر ما استوقفني في الكتاب نفيه -رحمه الله- أسطورة قتل حمدان قرمط ثلاثين ألف في صحن المسجد الحرام وما ردد من أرجوزة تقول: إنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا: فقد قال إن مساحة المسجد الحرام آنذاك في القرن الرابع الهجري لم تكن بالوضع الذي يتسع لثلاثين ألف، ولم ينف السباعي -رحمه الله- هجوم القرامطة على مكة وانتزاع الحجر الأسود ونقله إلى القطيف، مشيراً أحمد السباعي إلى أن ما نُسب إلى حمدان قرمط قوله بعد إعادة الحجر الأسود إلى مكة بعد قرابة ربع قرن: أخذناه بأمر وأعدناه بأمر؟ أن يكون هذا القول وذكر أعداد من قتلوا في الحرم ثلاثين ألفاً لا تتفق وأن يكون الرجل حمدان قرمط خالياً من الإيمان وخشية الرحمن.
الكتاب الثاني كان دعونا نمشي، وقد أهديت كتابي بوص ونوص الصادر عام 2002م الذي كتب مقدمته الدكتور عبد السلام الفارسي وزير الإعلام السابق - سلّمه الله. كتبت بهذا الإهداء (إلى روح أحمد السباعي. المؤرِّخ، والباحث، والمصلح المكي الاجتماعي، الرائد الذي لا معرفة شخصية له بي، ولا لي به. الجبل الذي تطلعت إليه وأنا تلميذ صغير في مقاعد الدراسة المتوسطة، إليه قمة وقيمة، استلهمت من فكر كتابه: دعونا نمشي: في ذاكرة الوعي المعرفي مشعل معرفة وأنوار.
وحسب موقع شبكة المعلومات العالمية ويكيبيديا جاء هذه التعريف بالشيخ الأستاذ أحمد السباعي «(حمد السباعي، (1905- 1984)، أديب وقاص وصحافي سعودي ينتمي لقبيلة آل سباعي الأدارسة الحسنين، أسس الصحافة السعودية، ولُقب بـ (شيخ المؤرِّخين السعوديين)، وهو تربوي رائد في وضع المناهج الدراسية، أصدر عدداً من الصحف والمجلات التي تُعد من أوائل الإصدارات في الصحافة السعودية، ورأس تحرير أقدم وأبرز الصحف كصحيفة (صوت الحجاز)، كما يُعد رائدًا للمسرح، فقد أسس أول مسرح في السعودية بالمفهوم الحديث، ومُنح جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1404 هـ، وتسلّم جائزتها من يد الملك فهد بن عبد العزيز، في حفل أقيم تكريمًا له ولزميليه حمد الجاسر وعبد الله بن خميس).
كان كتاب دعونا نمشي قد نفل أحمد السباعي فيه أجياله في مكة والحجاز، داعياً في كثير من طروحاته النهوض والحراك نحو التطور والتطوير المجتمعي وترك مسارات الجمود والتخلف.