من المؤكد أن المغفور له -بإذن الله تعالى- صاحب المعالي المهندس عبدالعزيز العبدالله الزامل واحد من أهم الرواد السعوديين في مجال الصناعة. فكان من المؤسسيين للقطاع الصناعي السعودي وكان ضمن أوائل المساهمين في النهضة الصناعية الكبرى التي شهدتها المملكة العربية السعودية.
منذ بداية شبابه شهد المهندس عبدالعزيز الزامل تحول المملكة للتصنيع كمشروع وطني رائد ومهم.. وجد الدعم كل الدعم من القيادة السياسية العليا.
وكان في طليعة المساهمين في مواكبتها للتطور.. وقد تجلى ذلك بتوليه منصب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) ثم تعيينه وزيراً للصناعة والكهرباء.
كان دوره في تأسيس تعزيز وتقوية النشاط الصناعي السعودي مهماً للغاية.. فقد ساهم بفعالية في بناء الصناعة والمصانع. كما أسهم في تدريب السعوديين للعمل والانخراط في القطاع الصناعي موظفين ومستثمرين، فأشرف على تدريب عشرات الآلاف من السعوديين وساهم في تأسيس المنظمات والشركات والمؤسسات الصناعية وقدم لها الكثير من التسهيلات حتى صارت كيانات قوية. تسهم بفعالية في الاقتصاد الوطني.
الأسرة
أسرة الزامل لها إرث تاريخي واجتماعي مهم.. فهي من أهم الأسر في نجد. وتكمن مكانتها بصفة الأسرة التي تولى بها إمارة مدينة عنيزة قبل وبعد تأسيس المملكة العربية السعودية..
فتولى أبناء الأسرة إمارة مدينتهم واكتسبوا محبة وتقدير وثناء أهالي عنيزة.
وشهد الجميع بكرم هذه الأسرة ومكانتها العلمية والإدارية والاقتصادية.
ويأتي المغفور له -بإذن الله تعالى - الشيخ عبدالله الحمد الزامل (والد المهندس عبدالعزيز) واحداً من أبرز رجالات الأسرة.. تميز بالوجاهة والكرم والحكمة..
غادر عنيزة صوب البحرين، حيث أسس واحداً من أكبر البيوت التجارية الخليجية.. ثم انتقل إلى المنطقة الشرقية.
نال تقدير كافة رجالات الدولة وأبناء المجتمع بدون استثناء..
وكان ولا يزال للأسرة مناشطها الداعمة لكل المشاريع والبرامج الاجتماعية والخيرية.
الميلاد والنشأة
ولد المهندس عبدالعزيز العبدالله الزامل سنة 1942م، وتربى في كنف والده.. وعاش طفولته في البحرين في أسرة متكاتفة ومترابطة. التحق بمدارس البحرين في مراحل الدراسة الأولية، ومارس المهام التجارية مع والده وإخوانه.
عاش بالبحرين طفولته ومراهقته لكنه ارتبط وجدانياً بموطنه السعودية.. وكان يتردد برفقة أسرته إلى المنطقة الشرقية وإلى مدينة عنيزة.
واصل تعليمه العالي منتصف الستينات من القرن الميلادي الماضي في جامعة جنوب كاليفورنيا - في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان من أوائل السعوديين الذين تخصصوا في المجال الصناعي، وفي سنة 1968م حصل على شهادة الماجستير في ذات التخصص وفي ذات الجامعة.
وبعد غيبته عن الوطن لثماني سنوات عاد المهندس عبدالعزيز الزامل للعمل في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية. والذي كان مملوكاً لوزارة الصناعة والتجارة وأنشئ كمشروع مشترك بين الحكومة السعودية ومنظمة التنمية الصناعية للأمم المتحدة. كان هدف إنشاء هذا المركز هو اكتشاف كيفية تطوير الصناعات المختلفة. وحقق خلال فترة عمله في المركز نجاحات كبيرة كانت محل تقدير وثناء القيادة والمجتمع.
سابك
أسست الحكومة السعودية الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) لتكون بعيدة عن البيروقراطية والروتين الحكومي. كانت مهمتها الأساسية النهوض بمستوى وقدرات الصناعات السعودية وخاصة في مجال البتروكيميائيات ولتكون نموذجاً ناجحاً للقطاع الخاص. لتأسيس الكيانات الكبرى.
ونظراً لإخلاصه وتفانيه ووطنيته. وللكفاءات والخبرات والتخصص الأكاديمي، تم اختيار المهندس عبدالعزيز الزامل ليكون الرئيس التنفيذي المؤسس والأول لهذا الكيان الوطني العملاق..
واجه الزامل العقبات والصعاب ومشاكل وقضايا التأسيس الأولى والبدايات الصعبة.
فأطلق خطط للنهوض أولاً بالكفاءات الوطنية المتخصصة من خلال التدريب والابتعاث. فامتلكت سابك عدداً كبيراً من الكفاءات السعودية المتخصصة التي عملت بكل جد واقتدار بشركة سابك.
فقد كان من السمات المهمة التي اتبعتها لتوظيف السعوديين الثقة الكبيرة التي أظهرها ومنحها للشباب السعوديين فقد اكتسب السعوديون بعد برامج التدريب والتأهيل والابتعاث التي حرص الزامل على تنفيذها مهارات الدراية بالتقنية والقدرة الإدارية والتسويقية والفنية، حتى بات موظفو سابك من أكفأ الكوادر العاملة في السعودية.
ومن أجل نقل التقنية الغربية إلى المملكة للاستفادة من الخبرات والقدرات التي يمتلكها الغرب ولإيمانه أن لا الشرق ولا الغرب يمكن أن يقدموا خبراتهم وقدراتهم إلا إذا حققوا (المشروعات المشتركة) فقد أقامت سابك وفق هذا المشروع عدة مشروعات مشتركة مع كبريات الشركات العالمية في مجالات الطاقة والصناعات البتروكيميائية هذه المشروعات المشتركة حولت سابك إلى أن تصبح شركة عالمية وتنافس جودة منتجاتها عدة شركات عالمية يزيد عمرها عن عمر سابك بعقود زمنية.
كما أسست سابك بمفردها عدة شركات محلية للصناعات ساهمت بفعالية في النهضة الصناعية التي شهدتها وتشهدها المملكة.
الإدارة
تميز المهندس عبدالعزيز الزامل بالمهارة وسخّر همم مهاراته المتعددة لخدمة كافة المرافق التي عمل بها وأدارها بكل كفاءة واقتدار.
ومن مميزاته أيضاً إنه يدرس قرارته الحاسمة بكل صبر وترو. وأحياناً يستخدم أسلوب التروي وعدم التسرع.
وانتهج مدرسة اللا مركزية في العمل مع الحرص على اختيار أفضل الكفاءات. وتشجيعها للعمل بروح الفريق الواحد.
ويشهد الجميع بمستوى النجاح الذي حققه عبدالعزيز الزامل في جميع محطات عمله المهمة سواءً في مركز الأبحاث والتنمية الصناعية أو في شركة سابك أو في وزارة الصناعة والكهرباء. وغيرها من مناصب القطاع الخاص.
كما مثل المملكة العربية السعودية في عدد من المحافل العالمية والعربية الكبرى. وكان رجل المملكة القوي والأمين وأجاد ونجح في رئاسة عدد كبير من البعثات السعودية للخارج وتميز في حسن إدارته للفرق السعودية وحسن تمثيله للمملكة. وفق توجيهات القيادة السياسية العليا.
الزامل الوزير
نال عبدالعزيز العبدالله الزامل الثقة الملكية فصدر القرار الملكي بتعيينه وزيراً للصناعة والكهرباء خلفاً للدكتور غازي القصيبي الذي انتقل لوزارة الصحة.
فنهض الزامل بمجموعة من المسؤوليات الوطنية الكبرى وأسهم في صنع سياسة للصناعة والكهرباء السعودية، وأسهم في إعداد التشريعات وشارك في الاجتماعات بين الوزارات المتعلقة بتفاصيل عمل شؤون الصناعة والكهرباء ومثَّل السعودية في اجتماعات اقتصادية وقمم بالخارج. وكذلك في زيارات تجارية لجلب استثمارات أجنبية.
استمر في منصبه لمدة 12 عاماً.. وحقق للوزارة وللقطاع الصناعي الكثير من المكتسبات.
فعلى سبيل المثال كان عدد المصانع عام 1983م 12 ألف مصنع وحين غادر كرسي الوزارة تجاوز عدد المصانع السعودية خمسين ألف مصنع.
وكان للزامل دوره المهم والرئيسي في النهضة الكبرى التي وصل إليها قطاع الطاقة الكهربائية على جميع الصعد وفي كل المستويات، فضخ في هذا القطاع الحيوي عشرات المليارات لرفع كفاءته وتوسعه.
التكريم
انتقل إلى رحمة الله تعالى المهندس عبدالعزيز العبدالله الزامل سنة 2019م بعد سنوات من العمل الناجح في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وبعد سنوات النجاح الكبرى. يستحق معالي المهندس عبدالعزيز الزامل أن يحصل على تكريم لائق يناسب عطاءاته وإنجازاته ومساهماته الوطنية، ويستحق أن تخلد سيرته الطيبة والعطرة بتسمية أحد كبار مشاريع سابك باسمه تخليداً لمسيرة النجاح الكبرى التي ساهم بفعالية في تحقيقها لسابك، هذا الكيان الاقتصادي العملاق الذي ابتدأ معه من الصفر حتى صارت سابك كياناً عملاقاً ومفخرة للوطن.
** **
- عارف العضيلة