عمر إبراهيم الرشيد
لا يقتصر تأثير الحروب على مجال دون غيره، لكن أبرز آثارها المجالان البشري والاقتصادي، والذي يمتد تأثيرهما إلى الدول المجاورة بل والعالم بحسب تأثير وقوة البلدين المتنازعين، مثل الحرب الروسية الأوكرانية. فروسيا كدولة نفطية ومنتجة كبرى للغاز كذلك، فإن تأثير حربها الاقتصادي هز أوروبا وجعلها تراجع نفسها في دعمها لأوكرانيا. أما أوكرانيا كمنتجة رئيسية للحبوب فقد جعلت دول العالم في قلق متزايد على أمنها الغذائي واستنفار لتأمين غذاء شعوبها.
هذه الأزمة تثير قضية الأمن الغذائي من جديد، وهي قضية قديمة قدم الجنس البشري، وقوة الدول تقاس كذلك بأمنها الغذائي كما السياسي والعسكري، ومقولة ازرع ما تأكل تختصر هذه المسألة.
لقد أحسنت الحكومة السعودية الاستثمار الخارجي في الدول ذات الإمكانات الزراعية مثل السودان ومصر وغيرهما، فالمملكة بلد صحراوي شحيح الأمطار والموارد المائية، والزراعة في هذه الدول منافعها تشمل الطرفين، فالمملكة تعزز أمنها الغذائي والدولة المستضيفة للمشروع كذلك تستفيد اقتصادياً وبشرياً. وإن كان العامل السياسي والأمني شرطاً لنجاح الاستثمار الخارجي وهذا متعارف عليه، فإن التوجه إلى الدول الآسيوية في الاتحاد الروسي مثل تركمانستان، كازاخستان واوزبكستان وغيرها من منظومة هذه الدول بخلفيتها الإسلامية، وثقتها في اقتصاد المملكة وضمان استثماراتها كفيل بتعزيز الأمن الغذائي للمملكة ودول الخليج كذلك. الحرب شر لاشك في ذلك، لكن الشرور تنطوي على خير ومحن فيها منح، لمن يستفيد من دروسها ويقرأ خلفياتها ويستقرئ نتائجها، حفظ الله وطننا المعطاء وبلد الحرمين من كل سوء، وطابت أوقاتكم وإلى اللقاء بمشيئة الرحمن.