إيمان الدبيّان
يقولون شذ إذا قلت لا
وإمعة حين وافقتهم
فأيقنت أني مهما أرد
رضى الناس لابد من أن أذم
بعض من قصيدة الإمام الشافعي - رحمه الله - يصف فيها حال الناس وعدم الرضى لدى أغلبهم في كل الأحوال، تذكرني بوزارة التعليم وعدم رضى الكثير من المتضجرين، والمتذمرين الغاضبين فلا بالتعليم عن بُعد راضون، ولا بالحضور ملتزمون، الإجازات المُطَوّلة لديهم غير مقنعة، والفصول الدراسية الثلاثة برأيهم غير مثمرة، يرون تعليم الموسيقى عِبئاً، والرياضة ثُقلاً، إذا مستهم حرارة الصيف جزوعين، وإذا هبّت نسائم البرد متمنعين إلا الجادين في طلب العلم.
وزارة التعليم هي البذرة التي تثمر منها كل النجاحات والتطورات، فلا يمكن أن تنفتح الدولة على العالم إذا كان التعليم منغلقا متحجرا غير مواكب للثقافات والتوجهات والاحتياجات النفسية والفكرية والثقافية المحلية والعالمية مع المحافظة على الهوية الوطنية، فالتعليم لا يُجزَّأ ولا طالبه يُحاصر، لا يهدأ ولا يُقبل إلا المثابر.
منذ سنوات وأنا أحد المطالبين بتعليم الفلسفة، والرياضة، والموسيقى، وأتمنى تعليم الرقص المرتبط بتراثنا وهوية مناطقنا، والحمد لله مع رؤية المملكة بدأنا نجني الكثير من ثمار أمنياتنا، وطموحاتنا التي اجتهدت وعملت وزارة التعليم على تحقيق كثير منها، ووصلت بشبابنا ذكورًا وإناثًا إلى المراكز العالمية الأولى، متقدمين على دول عظمى، ونأمل في المزيد، ونرجو التطور المستمر المديد من خلال العمل على آلية تطبيق هذه التغيرات بدقة أشمل، وأدوات أكمل بمراعاة الجوانب التالية:
أوشك العام الدراسي على نهايته ولم تنتهِ الانتقادات السلبية لتطبيق الفصول الدراسية الثلاثة التي أرى شخصياً أنها من أهم الخطوات التي تقدمت بها الوزارة؛ ولكن كان الأفضل لو استغل الفصل الدراسي الثاني تحديدا لتوقيته الزمني في التركيز على الدراسات الميدانية الطبيعية وتكثيف الرحلات التعليمية كسرا للجمود، واستغلال للتعليم خارج أسوار المدارس والحدود.
في تدريس الفلسفة والمنطق حبذا لو تُسند المهمة إلى أصحاب الفكر والرأي من أصحاب القلم والفلسفة وأهلها، وعدم إسنادها إلى معلمي المواد الذين لا يبرع بعضهم في توصيل منهجه فكيف يوصل فلسفة لا يملكها فكره ولا يقودها منطقه.
الموسيقى غذاء الروح، والروح تحتاج إلى أهل هذه التغذية الروحية النفسية بآلية عصرية من معلم متخصص بالموهبة والشهادات الفنية وليست موسيقى تسمع بعشوائية، وتذاع في الفصول بلا استراتيجية.
يُعلِّم أولادنا في الصفوف الأولى معلمات وعندما ندرس نحن الفتيات في الجامعات دراسات عليا مرتكزة على البحث والتقصي والاستطلاع نُحجر في قاعات بعيدة عن أساتذتنا الرجال يربطنا بهم لاقط صوتي قد يخذلنا أياماً بالوضوح، وكثيراً بتشويش الذهن فيصبح الفهم غير مسموح؛ خاصة في مواد المحاسبة والميزانيات التي واجهنا فيها كثيراً من التحديات، فلماذا لا يكون الاستاذ حاضراً في قاعة المحاضرات يلقي ويشرح للطالبات اللواتي سيخرجن بعد فترة لسوق العمل فيحضرن معه الاجتماعات واللقاءات فما الفرق بين المحاضرات وما في العمل من مشاركة واجتماعات!!
لدينا فلكلورات شعبية متنوعة بتنوع مناطقنا الغالية فليتها تُدرس وتُوصل لبناتنا وأولادنا وتُعلم لمختلف طلابنا معتزين بوطنهم متأصلين ومنتمين لتراثهم.
الرياضة ليست فقط كرة قدم تقام لها مسابقات على مستوى المدارس ومكاتب التعليم وإدارتها، فهناك الفروسية بخيولها الأصيلة التي أعشق وأمارس رياضتها والإبل بمزايينها الجميلة التي أهتم بثقافتها وأتعايش معها، فما أجمل تأصيل الرياضة بالتعليم والترفيه.
نقلات تعليمية نوعية وصلنا لها ونطمح لغيرها وأكبر منها بتجويد البيئة التعليمية مقراً ومكاناً بقاعات مهيأة وفصول ممكنة ومعلمين مُنتقين بأعلى المعايير، فلا يكفي أن يحمل المعلم شهادة بكالوريوس في اللغة، أو الشريعة، أو الرياضيات، أو غيرها..، لا يكفي هذا إن لم يكن يحمل فكراً صحياً معتدلاً متطوراً يرسم من خلاله لطلابه مسالك حياة متعددة يختارون منها ما يريدون بعزيمة، واضعين بصمتهم في مجتمعهم بثقة وبلا هزيمة .
عام دراسي قاربت شمسه على الرحيل لتشرق - بإذن الله - في عام قادم ساطع يحكي الطلاب على ضوئها كفاحهم في كل جيل.