عبد الرحمن بن محمد السدحان
(1)
«كثيرةٌ هي الأحلام التي تراودُ خاطري، منها ما يتعلّق بذاتي، حاضراً ومستقبلاً، وبعضُها يتجاوزُ ذاتي إلى الفضاءات المحيطةِ بي، والبعضُ الثالث يُفسدُه خبثُ النسيان! وهناك بعدٌ آخر هو أن عدمَ تحقيق هذا الحلم أو ذاك لسبب إراديّ أو قسْري لا يعني (سقوطي) في (جبّ) المستحيل!
* * *
(2)
«هل تسْخَر منّي قارئي الكريم.. إذا قلتُ إنني (أحلمُ) بعَالم أقلّ ماديةً، وأنْدى حبّاً، وأنقى ضَميراً وأثْرى سلاَماً!! قد تقولُ تعليقاً على هذا (الحلم) إنه ضربٌ من (طُوبائية) الوجدان الذي تتعانق بعضُ أحلامهِ بـ(صخرة) المستحيل!
* * *
«دعْني سيّدي القارئ أقول: دعْك من هذا وذاك.. ولنحصُر (مثاليّتنا..) فيما (يمكن) أن يكون، لا فيما (يجب) أن يكون، كيْ نعيشَ أيامَ عُمرنا ولياليه سُعَداء ليسَ (بمثالية) المستحيل، ولكن بعقلانية (الممكن)، وذاك في تقديري خير لنا وأبقى بعون الله وفضله.
* * *
(3)
«لا يمكن أن ينكرَ المرءُ العاقلُ منا أو يتنكَّر لما حققه أسلافُنا من إنجازاتٍ لإثراءُ المشهد الثقافي، مهما كان هذا الإثراءُ قليلاً، حجْماً ونفعاً! لأن الحصادَ الثقافي جهدٌ تراكميٌّ لا يستأثِرُ به جيل دون آخر، وفي ذات الوقت، هذا لا يلغي الحقيقة أن بعض الإثْراءِ أبدى إبداعاً من سالفه، لقد شهدنا في بلادنا سحابةَ الأسى التي أعقبت رحيلَ المفكّر والفقيه، الشيخ حمد الجاسر إلى رحمة الله، إذْ كان واحداً من رموز التغيّر الثقافي في بلادنا وما حولها ولا يغيبُ عن البال إرثُ كوكبة من المثقفين في بلادنا عاصر معظمهم الشيخ الجاسر، منهم العوّاد وسعد البواردي ومحمد حسن فقي والدكتور عبدالله الغذامي وآخرون لا يغيبون عن البال. رحم الله من لقي ربه، وبارك فيمن بقي منهم حيّاً!
* * *
(4)
«تفاعلتُ مرةً مع تساؤل طُرح على إحدى موائد الجدل العام عمّا إذا كانت (البيروقراطية) الإدارية باتت (عبئاً) على منظومتنا الإدارية! وسؤالٌ كهذا يُوحي وكأنّ (البيروقراطية) شرٌ مستطير يجب اجْتثاثُه، وفي ظني المتواضع أنّ هذا (المصطلح البشَري) ليسَ في كل الأحوال هذا ولا ذاك. بل هو جزء لا يتجزّأ من أيّ سلوك إداري يُرادُ به النفعُ لا الضُرُّ. وهي أي (البيروقراطية) في مفهومها العام تعني منظومة الإجراءات والضوابط والشروط المقنّنة لخدمةِ أيّ مرفق وُجِدَ لخدمة الناس، وبدونها، تسودُ الفوضى مصْحُوبة بالعبث!
* * *
«أما (وصْمَةُ) السلبية التي تُنسَبُ إلى هذا المصطلح فهي ما يعنيه مُنتقدُوها، بمعنى انها من صُنع البشر (المستهلكين) لها، وليس جزءاً لا يتجزّأ منها، وهذا في الغالب نابع ممّا ينتهجه بعض المنتفعين بها من (غُلوٍّ) في الأساليب والإجراءات والشروط والضوابط لا ضرورة لها أصلاً للتطبيق السويّ، وبمعنىً آخر، اعلموا أن السلبيات من صنع البشر، وأن البيرُوقراطية بمفهومها الإيجابي يجب أن تبقَى!