سلطان بن محمد المالك
فهد مهندس عمره 27 عاماً ولديه خبرة 4 سنوات في أحد الجهات الحكومية المرموقة، متميز ومتمكن في عمله ويلقى دعما من ادارته مع حصوله على كافة المزايا التي تمنحها له جهته، تلقى عرضا وظيفيا بزيادة 30 % عما يحصل عليه من عمله، وبحكم أنه شاب ويسعى لزيادة دخله فقد وضع الجانب المادي العنصر الأهم في اتخاذه لقرار الاستقالة من عمله الحالي. قدم استقالته وحاولت ادارته أن تبقيه وأن تزيد من راتبه ولكنه آثر الخروج لتجربة محطة أخرى. بعد عام بالضبط من التحاقه بعمله الجديد، تلقى فهد عرضاً مغرياً من جهة أخرى بزيادة 40 % عن دخله في الجهة الحالية (الثانية) وبدون أي تفكير وافق واستقال والتحق بالجهة الجديدة (الثالثة).
هذا هو الواقع الذي تعيشه حالياً كثير من الجهات الحكومية وشركات القطاع الخاص، فقد أصبح الإغراء المادي هو عنصر الجذب المباشر لاستقطاب الشباب المميزين من الجنسين بهدف تحسين الوضع المادي وضمان الوصول الى مناصب متقدمة بشكل سريع، والملاحظ أن الاستقرار الوظيفي يأتي في آخر ما يفكر به الموظف الشاب.
حالياً هناك أزمة حقيقية تمر بها كثير من الجهات الحكومية والشركات في مقدرتها على المحافظة على موظفيها نتيجة المنافسة الشرسة في استقطاب المميزين في عدد من الجهات. وأصبحت الجهة تدرب الشخص وتهيئة للعمل بشكل ممتاز وبعد كم سنة يغادر مكانه.
التنافس تجاوز الحد المعقول وبدأ يؤثر في سير العمل لدى العديد من الجهات التي تفقد موظفيها.
والملاحظ أن هذا التنقل والتغيير ينتشر في فئة عمرية من الموظفين تتراوح اعمارها بين 25 الى 35 عاما، وهم في الغالب يبحثون عن الاستقرار المادي بالدرجة الأولى، أما ما يخص استقطاب القيادات فقد ينحى منحى آخر من خلال الاغراء المادي الكبير لجذب القيادي للمغادرة.
في تصوري إن استمر الوضع على ما يحدث الآن فنحن امام تحد كبير يؤثر في أداء العمل في العديد من الجهات خصوصا في حال عدم توفر البديل.
ما الحل إذاً!! وماذا تعمل الجهات التي دربت وأهلت كفاءات وأوكلت لها مهام دقيقة ومحددة وخروجها سوف يؤثر بكل تأكيد في أدائها ومن ثم تحقيق أهدافها؟ في تصوري أنه يجب أن يكون لدى كل منظمة تقييم واضح للوظائف الحساسة والمهمة وللكوادر المؤهلة والمميزة التى يجب الحفاظ عليها، وبالتالي يجب وضع اعتبار خاص لهم وتقديم الحوافز والمميزات التى تجعلهم يحرصون على البقاء في المنظمة وعدم مغادرتها، أما مساواة الموظفين في المنظمة بدرجات وسلالم وظيفية ثابتة في المزايا والرواتب فهذا غير عادل وسوف يؤثر في المميز بالخروج حال ما سنحت له فرصة بالخارج.. ونصيحة لكل مسؤول ان يهتم بموظفيه دوما بحيث لا يفكر الموظف في مغادرة عمله تحت أي اغراءات لأنه في بيئة عمل صحية مميزة تغنيه عن أي اغراءات أخرى.
اختم بالقول، أنه على الرغم من قلق المنظمات من تزايد حالات التسرب الوظيفي الا أن فيها جانباً ايجابياً للموظف في زيادة معارفه وتطوير قدراته في أماكن أخرى وكذلك هي استثمار للوطن في تأهيل وتعزيز قدرات أبنائه في مجالات عديدة والخدمة في أماكن مختلفة تخدم الوطن.