د.عبدالعزيز العمر
لاجدال على الإطلاق أن مشروع الابتعاث إلى الدول المتقدمة الذي أطلقته بلادنا في العشرين سنة الأخيرة شكل قفزة تنموية سعودية قل نظيرها في المنطقة، اليوم تُسهم مخرجات هذا المشروع العظيم من الشباب في كل التخصصات العلمية والمهنية في حمل المشروع التنموي السعودي الذي يخطط له ويقوده بروح وحماس الشباب سمو ولي العهد وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين. نحن هنا لا نعيد اكتشاف العجلة، ففي كل الدول التي سبقتنا تنمويًا (اليابان والصين مثلاً) كان الابتعاث هو الشرارة التي أطلقت بنجاح طاقات شبابها ومشروعاتها التنموية. أنا مثل كثير من غيري منحتني بلادي فرصة الابتعاث خلال فترة الثمانينات الميلادية، وبالنسبة لي- ولكثير من غيري- لم يكن الابتعاث مجرد كسب حصيلة معرفية جديدة في مجالي التخصصي (على أهمية ذلك)، بل وتطوير في منهجية وطرائق التفكير، خصوصًا نحن نعيش اليوم في عصر أبرز صفاته التنامي المهول في المعرفة وبروز تحديات اجتماعية وأخلاقية جديدة تتطلب مستوى أعمق من التفكير بكل صوره وأنواعه. ومما ساعدني في هذا الشأن أنني درست ولأول مرة مقررات في الفلسفة التي حرمنا من دراستها عندما كنا في الوطن، لقد شكلت دراستي لمقررات الفلسفة نقلة نوعية في مستوى التفكير وفي تكوين نظرة شاملة متعمقة لكثير من قضايا الحياة، في المقالات القادمة سوف أسترجع معكم بعضًا من ذكرياتي خلال فترة الابتعاث.