يَتميّز الإسلام في أوروبا، وفقاً لرواية جورجن نيلسن أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة برمنجهام، بتعددية التّيارات والحركات التي ترتبط بشكل متفاوت بالبلدان الأصلية للمهاجرين المسلمين.
إن الوجود الإسلامي في أوروبا لا يُعد ظاهرة جديدة خاصة في الجزء الغربي من القارة بسبب الهجرة التي حدثت منذ بداية عام 1945 على الرغم من وجود مهاجرين جاؤوا قبل هذا التاريخ إلى بريطانيا وفرنسا على وجه التحديد. أما عن الوجود الإسلامي في أوروبا الشرقية، فيعود إلى الحملات التتارية المغولية التي تركت جاليات مسلمة كبيرة في روسيا وفي الأراضي القديمة لدوقية ليتوانيا وبولندا الكبرى. في جنوب شرق أوروبا، كان للحكم العثماني دور في دعم المجتمعات الألبانية والبوسنية والبوماكية وكذلك في مساندة المجتمعات ذات الأعراق التركية وغيرهم من المجتمعات المسلمة التي لا تزال موجودة حتى الآن. مع التوسّع الحاصل في الاتحاد الأوروبي في فترة التسعينات من القرن الماضي، أصبحت هذه المجتمعات داخل حدود الاتحاد الأوروبي.
الإحصاءات الديموجرافية عن عدد المسلمين في أوروبا تستند إلى التقديرات التي تتبناها الهيئات الحكومية أو الأكاديمية التي تكون بعيدة كل البعد عن التقديرات التي تتبناها المنظمات الإسلامية. فتتراوح التقديرات في المجر بين 25.000 إلى 50.000 مسلم وفي فرنسا بين 2 إلى 4 ملايين مسلم وفي جمهورية التشيك بين 4.000 إلى 10.000 مسلم وفي بيلاروسيا بين 20,000 إلى 50,000 مسلم. في دول أخرى، يعتمد هذا الإحصاء على عدد أعضاء الجماعات العرقية المسلمة التقليدية.
يمكن ملاحظة أن السويد والنرويج تدعمان مختلف المجتمعات الدينية المسجلة، وللحصول على تمويل مادي، يجب على هذه المجتمعات تقديم قوائم محدثة عن المنتسبين إليها بانتظام. في النرويج وفي عام 2015 كانت المجتمعات الدينية المسلمة التي تتلقى تمويلاً مادياً تتكون من 141.027 عضواً، حيث تم الإحصاء على أساس الهوية العرقية في حين أن هذا الرقم يختلف تماماً عن تعداد المسلمين البالغ عددهم 245.415. أما عن السويد فقد كان التقدير القائم على أساس عرقي يبلغ حوالي 400.000 مسلم بنسبة أقل تبلغ 50 % مقارنة بعدد أعضاء الجمعيات الإسلامية الذين يتلقون تمويلاً.
وفي دراسة أجريت عام 2006 حول المساجد في الدنمارك وبناء على سلسلة من استطلاعات الرأي، تبيّن أن حوالي 30 % من المسلمين يترددون على المساجد بانتظام وأن 20 إلى 25 % ينتمون إلى جمعية تابعة لمسجد، وأن 30 % عرَّفوا أنفسهم بأنهم متدينون إلى حد ما وأن 30 % متدينون إلى حد كبير وأن المسلمين الآخرين متدينون «معتدلون».
من المثير للاهتمام ملاحظة أن 35 % يعتقدون أن الإسلام ليس له أي تأثير على طريقة ارتدائهم للملابس أو على حياتهم اليومية أو على رؤيتهم للمجتمع والسياسة وأن 85 % منهم يعتقدون أن الدين ليس له أي تأثير على رؤيتهم للمجتمع الدنماركي.
في فرنسا ومن خلال الاستقصاء الذي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام IFOP في عام 2011، فإن أقل من نصف المسلمين يمارسون الشعائر الدينية.
السؤال الذي يطرح نفسه، من هو المسلم الأوروبي؟ يتعلق الأمر بقضية تتجاوز بكثير مجرد الإحصاءات. إحدى الإجابات - التي تُستخدم كثيراً في مجال عِلم الاجتماع - تؤكّد على أن المسلم الأوروبي هو ذلك الشخص الذي يُعرِّف نفسه بأنه مسلم أوروبي. يتميز هذا المنهج بإعفاء الباحث من مهمة اتخاذ القرار طالما أن الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات يفعلون ذلك نيابةً عنه.
** **
أيمن منير - أكاديمي ومترجم مصري
2781Ayman@