سلطان سعود السجان
تواصل معي أحد الأفاضل واعتبره من أصحاب العقول الراجحة وذوي الأخلاق الحميدة - مثلكم وشرواكم يا قراء هذه المنارة الإعلامية الشامخة - بعد مقالتي «حوكمة توتير» وأخذ يحدثني عن التأثير السلبي الذي طغى على التأثير الإيجابي لمنصات التواصل الاجتماعي العالمية وكيف أن موازين المبادئ والأخلاق قد ساد الأدنى من الأخلاق على الأعلى منها وغلب القاع القمة. ثم أقترح لي ذاك الرجل العديد من المقترحات منها إنشاء منصة خاصة بالوطن واقترح تفاصيل أخرى مثل ... ما لكم في الطويلة.
كعادة وواجب كتَّاب الرأي قبل أن يشرعوا في كتابة مقالاتهم ويدلوا بدلوهم في موضوع ما بأن يرتدوا قبعة المحقق «كونان» للبحث بين دهاليز الدنيا تحقيقاً لدقة المعلومات وكذلك السعي إلى ما يعينهم لرفع جودة مقالتهم وقد فعلتُ وأسال الله التوفيق والسداد في هذا. ملخص البحث والتقصي - بناءً على المعطيات والمقترحات التي ناقشني فيها ذاك الزول - أني لم أجد منصة تواصل اجتماعي خاصة لدولة ما بحد ذاتها ولها من الخصائص والميزات مثل ما تملكها المنصات العالمية مثل منصة توتير أو سناب شات وتهدف لمناقشة الأمور الاجتماعية في وطن ما. بحثتُ في هذه المسألة بين المقالات والآراء ولم أجد صراحة ما يعينني في هذا الشأن ثم استنتجتُ كما يستنج المحللون أن هناك سببين لعدم وجود منصات للتواصل الاجتماعي خاصة بوطن ما أو حتى لمدينة ما. الأول هو القيود التشغيلية للمنصات مثل قيود إدارة المنصة والسعي لتحقيق موارد مالية مستدامة. هذا القيد قد يكون الأصعب لتحقيق الهدف المنشود. أما القيد الثاني فهو القيود السياسية مثل الخوف من التسجيل في المنصات بهوية واضحة لأن الحكومة هي من تدير المنصة وللأجهزة الأمنية في تلك الدولة سهولة الوصول لمثيري الفتن أو مروِّجي المخدرات والمسقطات الاجتماعية. هذه القيود - ولله الحمد والمنة - في مملكتنا الحبيبة ليس لها ذاك التأثير والأهمية، فالدولة أدام الله عزاها قد أوجدت العديد من المنصات المساعدة لتحقيق أهدافها الإستراتيجية أو عملياتها التشغيلية مثل منصة المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة. أما القيود السياسة فهي مطلب اجتماعي ومنبعه القيم والمبادئ الإسلامية التي تدعو إلى الفضيلة وتجنب الفتن فالفتنة عندنا أشد وأكبر من القتل كما قال الرحمن في كتابه القرآن.
ولكن وصراحة لم أجد عندنا المنصة التي تهدف إلى الجمع بين أطياف سكان مملكتنا الغالية لتحقيق مبدأ التواصل الاجتماعي ومشاركة الآراء والمقترحات الاجتماعية وإمكانية الوصول للمشاركة في صناعة القرارات لتحقيق الكثير من الأهداف مثل حوكمة القطاع العام. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يوجد المركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام وربما لم يأخذ حقه التسويقي والنشر بين المواطنين ولكن من خلال هذه المنصة الاجتماعية الموحّدة سيتم تسويقها بسهولة حتى تتم رفع نسبة المشاركات في صناعة القرارات المهمة في الدولة. وأيضاً، لا بأس إن وجدت مساحات وغرف خاصة لمناقشة الأمور المختلفة.
سلسلة الأفكار في هذا الشأن لا تنتهي ولكن مقترحي ومن هذا المنبر المنير للمسؤولين عندنا وهم أصحاب النفوس الكريمة وسعة الصدر الواسعة بإنشاء منصة ولنطلق عليها مثلاً «منصة همتنا» للتواصل الاجتماعي خاصة بسكان المملكة لخدمة للبلاد والعباد.
وتحياتي،،