د. محمد بن صقر
لعلي ابتدئ بمقولة لهنري فورد مؤسس شركة فور للسيارات عندما قال «لو كنت سألت الناس عن ماذا يريدون، لقالوا نريد أحصنة أسرع» فنجد محور إجاباتهم هو حول زيادة تقديم الخدمة من هذه الأحصنة ونستفيد من هذا التساؤل الجميل إلى أن طريقة التفكير الغالب للجماهير دائما ما يكون في خط مستقيم أو بشكل واتجاه واحد وهذا دلالة على أن الجماهير لديها حب التغيير لكن تغيير في مفاهيمها وبمستوى إدراكها وقد يكون بأدواتها وهذا ليس بشكل كاف لأن مثل هذه المسألة يجعل حركة التغيير تسير بشكل بطيء وليس بشكل جذري وأقصد بشكل بطيء انه لا يمكن اختراع سيارات بشكل مستمر تعتمد على الوقود وإنما لابد من ابتكار مفاهيم وطرق جديدة لمفهوم النقل من حيث الوسيلة ومن حيث مصادر الطاقة إذا لابد من مفاهيم وابتكارات جديدة وهذا المغزى من هذا المقال في أن نبحث عن الابتكارات ويكون مصدر هذا الابتكار أو منطلق هذه الابتكارات ومصادرها عدة جوانب أولها البحث عن المشكلات الكبيرة والمشكلات الدائمة فكل ما كانت المشكلة كبيرة وعظيمة كان الابتكار والحلول المقدمة عظيمة وهذا أعظم أنواع الابتكارات وأمثلة ذلك قد تكون المشكلات الاجتماعية أو الحلول الطبية أو العلمية أو الاقتصادية ثانيا الابتكارات التطويرية وهي ما نجد كثير من مؤسسات الدولة تعمل عليه ولكن نجد بعضها يغيب عنه الهدف الذي يريد تحقيقه وهو صناعة مستقبل مبتكر فالصناعة لا تأتي بالاطلاع على التجارب السابقة فقط وإنما تأتي بتحديد الهدف الاستراتيجي الكبير المبني على الاحتياج الفعلي وعلى الرؤية التدرجية التي تريد أن تحققها خلال مراحل وضع الخطط ومن ثم تنظر إلى أفضل الممارسات الدولية التي وصلت إلى ذلك الهدف لأنك بذلك تختصر المسافة ولا تعود إلى تحريك العجلة من جديد, أما إذا كانت صناعة المستقبل هي توطين الأفكار والتجارب العالمية بدون هدف تصبو إليه فهذا يعني أنك قمت باستنساخ تجربة لا تأتي ضمن أهدافك الكبيرة ولعلي أطرح مثالا على مثل هذا الموضوع حتى يتبين معنى ذلك فإذا كان هناك مؤسسة معينة قامت باستخدام تقنية أو برنامج جديد عالمي حول التحول الرقمي وأرادت تطبيقها على واقعها وموظفيها بدون بناء قدرات الموظفين وتهيئتهم لاستخدام مثل هذه التقنية فإنها ستصطدم بتحديات كبيرة من شأنها أن تعرقل صناعة مستقبلها وابتكارها وتجعلها تتقدم إلى الوراء خطوات لأنها ببساطة لم تعرف واقعها الأساسي واحتياجاته الأساسية والبنات الأولى للوصول إلى هدفها المستقبلي, إذن هذا النوع من الابتكار لابد النظر إليه من جميع الجوانب، النوع الثالث من الابتكار وهو لا يقل أهمية عن الابتكارات الأخرى ناهيك على إن لم يكن هو المحرك والوقود الذي لا ينضب ومصدر إشعاع الدول وتطورها وهو الابتكار في القدرات البشرية وبناء القدرات وبناء البيئة التي تسهم في صناعه الابتكار ففي كثير من الأحيان تكون الفرص موجودة لكن القدرات تحتاج إلى تأهيل للوصول إلى مستويات عالمية وهذا الأمر هو أحد أهم التحديات في الابتكار التي تواجه المسؤولين وهو عدم إدراك العاملين والموظفين معه المستقبل وعدم قدرتهم على العطاء مما يحتم عليه صناعة وبناء القدرات وتنمية وبناء الأفكار فالفكرة ليست حبيسة عقلية أو منطقة أو جغرافيا معينة حتى يتم استقطابها واستيرادها لكن متى ما هيئ لها المناخ المناسب ستبدأ بالعطاء والإنتاج والإثمار وتستطيع تصديرها، إن أصحاب الابتكار وصانعي الأفكار يجعلون المستقبل مختلفا، فهم يؤثرون على العقليات المحيطة بهم وعلى البيئة التي نشؤوا بها، فلقد كتب داركر كتابا بعنوان (المجتمع القادم) بين فيه زرع الابتكار في المؤسسات التقليدية لا ينجح»، وبالتالي سيكون العمل بطرق تقليدية سواء للأفراد أو المؤسسات، حتى وإن كنت مقتنعا بطريقتك، فلن تصبح شركة أو مؤسسة أو فردًا مبتكرًا ورائدًا وصاحب أفكار يمكن الاستفادة منها، فإن لم يكن لديك القدرة على صناعة الأفكار والابتكار والمبادرة فسوف يصبح السؤال أين تجد هذه القدرات، وهل ستتمكن مع فريق العمل الذي يعمل معك أن تكون محركا لأفكارهم وأفعالهم. هذا ما نحتاجه فعلا في وقتنا الراهن مع أبناء وبنات مجتمعنا المليء بالأفكار والمبادرات والابتكار، نريد فقط أن نستمطر هذه الأفكار ونخلق لها بيئة لكي تنمو وتتحرك بين أروقة القطاعات، وألا نعتمد على الأساليب التقليدية أو استيراد التجارب بدون تهيئة حتى وإن كانت ذات منفعة فلا بد أن نقود التغيير، وألا نكون له تابعون، فاليابان وألمانيا والصين وأميركا تتسابق لقيادة العقول من خلال المبادرات والابتكار الذي يجعل المجتمعات تنقاد خلفها الابتكار الرابع والأخير هو الابتكار في تصدير حلولنا وابتكاراتنا للعالم فالمجتمع السعودي ناجح في العملية التسويقية بشكل متفرد ولكن لابد من توفير المواد الإعلامية والابتكارات الذكية التي يهتم بها العالم ويتسارع إليها وان يبني قصص نجاح تدرس وتعلم فيالعقليات الغربية والأوروبية والآسيوية.