عبد الرحمن بن محمد السدحان
تقديراً مني للأحبة من قراء وأصدقاء وأقارب الذين يودُّون التعرّفَ على جزء من سيرتي مع الحرف في مراحلها الأولى، يسرني أن أشير إلى أن بداية هذا المشوار لم تكن عليّ هينةً أبداً، لكنها لم تكن مستحيلة في سياق آخر، بفضل من الله أولاً، ثم بالعزم الصادق المقترن برغبةٍ قوية لخوض تجربة المواجهة مع الحرف الجميل!
***
* بدأَ مشواري مع الحرف منذ زمن بعيد، كنتُ يومئذٍ طالباً في المرحلة الثانوية بمدينة الرياض، ولم أكن حتى ذلك اليوم أحلم بالكتابة خارج (أسوار) كراسة الإنشاء، إلى أن كان يوم استقبل فيه سيدي الوالد رحمه الله زميل عمله في المراسم الملكية، المرحوم الأديب خالد محمد خليفة، كنتُ في ذات اليوم ألوذُ بالصمت في حضورهما وأنا أقدم لهما الشاي والقهوة في حديقة المنزل، حين اخترق سمعي سؤالٌ مباشرٌ لي من الأستاذ خليفة أذهلني جرأةً ونصّاً، حين قال: لماذا لا تكتب معنا (يا عبد الرحمن) في صحيفة (القصيم)؟
***
* أخرستني المفاجأةُ بذلك السؤال، لكنني لم أنبسْ بحرفٍ واحد، غير أن سيدي الوالد بادره بجواب قائلاً: (يا خالد دع عبد الرحمن وشأنَه، فهو مشغول بدراسته، ولا وقت لديه للكتابة)!
***
* ورغم ذلك الردّ الجاد، كانت عينا السائل الكريم تحملان بريقَ الإصْرار على الدعوة المبطّنة في سؤاله. ثم نظرتُ إليه نظرةَ (اعتذار) عن الردّ، واستأذنتُ في العودة إلى غرفتي في المنزل، وهديرُ السؤال يعصف خاطري! وفي الطريق إلى الغرفة، همست لنفسي (حقاً.. لماذا لا تكتب يا عبد الرحمن؟!) وظلّ ذلك السؤال يداعبُ وجداني حيناً بلا ردٍّ ولا عزم، وكأنني أستأذن نفسي في التريّث للتعامل مع السؤال حتى وقت لاحق!
***
* مضى زمن قصير قبل أن أتلقّى دعوةً من رئيس تحرير (القصيم) للمشاركة في جهد التحرير بمقال أسبوعي، فلبّيت الدعوة على استحياء، ورجوْتُ سيدي الوالد أن يبارك هذه الدعوة برضاه، وبدأ المشوار الأول مع (القصيم)، ولم يمْضِ أسبُوعان أو نحو ذلك حتى كُلّفتُ بالإشراف على صفحة أسبوعية في الصحيفة ذاتها بعنوان (عالم الشباب)، وفي ذات الوقت لم يُخفِ سيدي الوالد رضاه عن خياراتي، فازْددتُ فخراً وعزماً بتنفيذ ما أُوكِلَ لي.. إلى جانب الكتابة الأسبوعية.
***
* كان لابد لي أن أودّعَ القلم، حباً وعناءً نظراً لسفري إلى أمريكا مبتعثاً من حكومتنا أيدها الله، ثم شاء الله جلّت قدرته الفوزَ لي في دراستي الجامعية بمدينة لوس أنجلوس الأمريكية بعد جهد وجهاد دام ست سنوات انتهت بالشهادة الجامعية ثم الماجستير في وقت لاحق، وبدأ مشوار الوظيفة العامة بعد ذلك. واستيقظ في خاطري مجدّداً حلمُ الكتابة.. فعدتُ إلى «دارها» راضياً مرضياً.. والحمد لله من قبل ومن بعد.