لم يكن يوم الجمعة الموافق 26-10-1443هـ يوماً كسائر أيام العام بالنسبة لي وللكثيرين من أهالي محافظة الزلفي، فلقد فجعنا بفقد العم والأخ والصديق عبدالله بن صالح الحمد «أبو صالح»، الذي كان لرحيله وقعٌ مؤلمٌ على قلبي رغم ما أصابه من عارض صحي لم يمهله طويلاً رحمه الله.
إن الحديث عن مآثر وخصال قامة بحجم «أبو صالح» لا يمكن أن تتلخص بمقالة واحدة، بل تحتاج لأكثر من ذلك بكثير، وأنا هنا لا أجامل شخصاً ما زال على قيد الحياة بل إنني أتحدث عن رجل رحل إلى جوار ربه، فقد تشرفت بصحبته قرابة نصف القرن، ولنا جلسة يومية في استراحتي مع كثير ممن أعتز بهم بشكل يومي، وكان الراحل عضواً بارزاً ومؤثراً فيها بحضوره المختلف، فلم أسمع منه طوال السنوات الماضية إلا الكلمة الطيبة، ولم أرَ منه إلا الابتسامة الدائمة، وكان - رحمة الله - مبادراً بالوصل، وبالسؤال عن كل مريض أو محتاج سواء كان قريباً أو بعيداً، وكان شهماً كريماً سخياً، ولم يكن الراحل يتدخل في أي شأن لا علاقة له فيه ولم ينتقد طعاماً أو شراباً أو حديثاً رغم أنه كان أكبرنا سناً.
كما تميز «أبو صالح» رحمه الله بروحه الجميلة، وخفة ظله حيث لمست ذلك أثناء سفري معه لعدد من الدول، وكان طيب المعشر، دمث الأخلاق، نقي السريرة، وذا خلق رفيع يسعى بين الناس بالخير.
انهالت عليّ الاتصالات بعد وفاته مباشرة معزية ومترحمة، وذاكرةً لقصص تستحق أن نتوقف عندها طويلاً، فلقد ذكر لي كثير منهم أن الراحل حين عمل في قطاع آلات حفر الآبار الإرتوازية كان سهلاً ليناً متسامحاً في الحصول على حقوقه المالية مراعياً ظروفهم المالية ومقدراً أوضاعهم بكل إنسانية ، وهذا يمثل نقطة في بحر أعمال «أبو صالح» الخيرية التي وقفت على كثير منها.
إن العزاء في أمثال «أبو صالح» رحمه الله يكون بذكر محاسنه وخصاله الطيبة وإظهارها للناس جميعاً لتكون خارطة طريق لهم في حياتهم، وقد ظهرت هذه المزايا في أبناء الراحل صالح ومحمد البارين بأبيهما بشهادة الجميع، وكذلك ابن أخيه الشيخ عبدالرحمن الحمد الذي كان قريباً منه.
رحم الله العم «أبو صالح» وجمعنا به ووالدينا في جنات النعيم.
** **
- إبراهيم بن عطا الله العطا الله