الحمد لله على قضائه وقدره {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} توفيت يوم الجمعة 19-10-1443هـ والدتي فوزية صالح الحمد المحسن معلمة جيل عام 1379هـ نسأل الله العظيم أن يرحمها والصلاة عليها بعد صلاة الجمعة بجامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب.
بهذه الكلمات تلقيت صباح يوم الجمعة 19-10-1443هـ الموافق 20-5-2022م بكل أسى وحزن الخبر السابق خبر وفاة العبدة الصالحة النقية التقية المعلمة الفاضلة فوزية صالح الحمد المحسن عليها رحمة الله والخبر من الزميل الرجل الشهم ابنها البار الأستاذ عبداللطيف الصالح الوهيبي رجل الوفاء مع أهل بريدة خاصة وأهل القصيم عامة الأحياء منهم والأموات صاحب متحف العقيلات المتحف الذي صار معلماً من معالم المنطقة يرتاده الناس على اختلاف مستوياتهم وأجناسهم وجنسياتهم ذكوراً وإناثًا المتحف الذي يحكي الماضي والحاضر عن مدينة بريدة ورجالها خاصة ومنطقة القصيم عامة المتحف الذى سجلت فيه سير تجار القصيم مع (العقيلات) وملوك وحكام المملكة العربية السعودية مع صور الكثير منهم الجامعة المرجعية لحكام وأمراء وأهالي الجزيرة العربية الحاضرة والبادية.
توفيت أم أحمد التي نحسبها والله حسيبها من عباد الله المخلصين الذين (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون) والتي نذرت نفسها لتعليم بنات مدينة بريدة العلوم الشرعية والعربية والاجتماعية فكانت أول معلمة تفتح مدرسة بمدينة بريدة لتعليم بنات القصيم العلوم الحديثة باعتبارها من المتعلمات اللواتي درسن وتعلمن في مصر.
ولدت المعلمة الفاضلة فوزية المحسن بمصر من أب قصيمي هو صالح المحسن الذي يرجع بنسبه إلى قبيلة سبيع من مواليد الشحية من ديار القصيم نشأ وعاش بداية حياته فيها ثم رحل مع العقيلات واستقر بمصر يزاول فيها التجارة عمل وسيطًا بين تجار عقيل وتجار مصر وبالتحديد بمدينة السويس التي ولدت فيها ابنته فوزية أم أحمد ودرست بمدارسها النظامية حتى حصلت على مؤهلات علمية أهلتها لفتح مدرسة للبنات بمدينة بريدة عندما انتقلت إليها بعد زواجها من الأستاذ صالح بن محمد الوهيبي.
قدمت فوزية ووالدتها وأخوها محسن بعد وفاة والدها من مصر وكان في استقبالهم بمدينة جدة أخو والدتها الشيخ محمد الصالح الوهيبي عام 1377هـ.. تزوجت فوزيه بعد وصولها إلى بريدة من ابن خالها الأستاذ صالح بن محمد الوهيبي أبو أحمد المعلم بالمدرسة السعودية بحي السادة والتي سميت فيما بعد بمدرسة القدس الابتدائية وزوجها الأستاذ صالح الوهيبي ورث مهنة التعليم عن والده المرحوم الشيخ محمد الوهيبي الذي فتح مدرسة لتعليم القرآن الكريم والقراءة والكتابة بوسط مدينة بريدة وبالتحديد شرق مسجد حميدي المطوع وظل يعلم الصبيان حتى ضمت مدرسته كآخر مدارس المطاوعة (الكتاتيب) لوزارة المعارف وكان ذلك عام 1378 هـ تقريبا باسم مدرسة السادة وعين مديرا لها.
لقد توارثت أسرة الوهيبي التعليم الأهلي فحين ضمت مدرسة الوالد الشيخ محمد الوهيبي إلى التعليم الحكومي فتحت زوجة الولد صالح محمد الوهيبي فوزية الصالح المحسن مدرسة لتعليم البنات بمدينة بريدة لتعليم العلوم الحديثة صحيح أنها ليست أول معلمة تعلم البنات العلوم الشرعية والقراءة والكتابة ولكنها أول امرأة بمدينة بريدة تفتح مدرسة لتعليم البنات التعليم النظامي المتمشي مع سياسة التعليم العام بالمملكة العربية السعودية.
لقد وقع الاختيار على اختيار المدرسة التي افتتحتها المعلمة فوزية لتكون أول مدرسة نظامية للبنات تفتح بمدينة بريدة، وتكون هي أول مديرة لأول مدرسة حكومية نظامية تفتح لتعليم البنات بالقصيم، عندما صدر عن جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز عام 1380هـ أمره الكريم بفتح سبع مدارس لتعليم البنات بكبرى مدن المملكة العربية السعودية في الرياض ومكة المكرمة وبريدة والدمام والمدينة وحائل وأبها.
ولكن بعض مشائخ وبعض أعيان بريدة عارضوا فتح المدرسة الحكومية المقرر فتحها ببريدة وعندما علم وجهاء واعيان عنيزة بمعارضة بعض جماعة بريدة فتح المدرسة تقدموا إلى الملك سعود رحمه الله يرحبون بفتح المدرسة عندهم فوافق على طلبهم ونقلت إليهم لتكون أول مدرسة حكومية تفتح بمنطقة القصيم بمدينة عنيزة.
واصلت المعلمة فوزية المحسن عملها بمدرستها النظامية وتخرج على يديها أول دفعة من المعلمات السعوديات اللآتي عملن كمعلمات بمدارس البنات بعد فتحها بمدينة بريدة والتي فتحت بأمر من الملك فيصل عام 1383هـ وعاود المعارضون اعتراضهم على فتح المدرسة وكونوا جماعات من المعارضين سافروا إلى الرياض بعد أن استأجروا أكثر من خمسين باصا (بلاكاش) يطالبون الملك الفيصل بإغلاق المدرسة التي أمر بفتحها ولكن الملك فهد بن عبدالعزيز والذى كان يشغل وزير الداخلية في ذلك الوقت قابلهم وبحكمته ورأيه السديد أقنعهم وقال قولته المشهورة نحن لن نجبر أحداً على أن يسجل ابنته ولكن هناك من يرغب بتعليم ابنته فكيف تحرمونهم لن نجبر أحداً على تسجيل ابنته ولن نحرم ولي أمر يرغب بتسجيل ابنته عندها رجعوا من حيث جاؤوا.
كان رأي وزير الداخلية صائبا فلم يمض على فتح أول مدرسة سبع سنوات حتى كان الذين يعارضون على فتح مدارس البنات ببريدة يطالبون بفتح المزيد من تلك المدارس.
ومن الطالبات الأوائل اللاتي تعلمن وتعلمن بمدرسة المعلمة فوزية المحسن وعملن معلمات بمدارس البنات الحكومية بمدينة بريدة المعلمة منيرة عبدالله الراشد وحصة المهنا التي تقلدت المناصب التعليمية حتى تقاعدت عن مديرة إدارة الإشراف التربوي بإدارة التعليم بالقصيم ومنهن بنات الوجيه إبراهيم الراشد الحميد والذي تبرع ببيته ليكون مبنى أول مدرسة تفتح بمدينة بريدة للبنات ومن غير إيجار.
نسأل الله أن يرحمها ويقدس روحها ويسكنها جنات النعيم وان يكرم نزلها وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأن يثبتها عند السؤال وأن يظلها في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
وعزاؤنا لزوجها الغالي الشيخ صالح محمد الوهيبي أبو أحمد ولأبنائها وبناتها ونسأل الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان وأن يجعلهم خير خلف لخير سلف إنه سميع مجيب وختامًا صلاة ربنا على الرسول المبعوث رحمة للعالمين وآله وصحبه أجمعين.
** **
- علي محمد إبراهيم الربدي