عندما قرأت نبأ وفاة الأخ تركي بن سعود الهزاني محافظ ثادق سابقاً حزنت كثيراً رغم أن معرفتي به لم تكن طويلة حيث بدأت منذ أن كلف بأن يكون محافظاً لثادق، وبقي فيها حوالي 5 سنوات، وكان مثالاً للمحافظ النشيط الخلوق بأدبه واحترامه للجميع، يتعامل معهم بكل أدب واحترام، فالصغير ابنه والأكبر أخاه والشيخ الكبير في السن والده. لم يكن هذا رأيي أنا فقط بل سمعته من الكثير من أهالي ثادق وغيرها ممن تعاملوا معه، حيث قال لي أحدهم وهو عضو في المجلس المحلي ومن أعيان ثادق (لم أتعامل مع محافظ مثله) وأثنى عليه ثناءً عظيماً يستحقه -رحمه الله-. اتصلت بأخيه العميد زيد وقدمت له واجب العزاء والدعاء له وذكر لي الكثير من محاسنه- رحمه الله- حيث كان كريماً وباراً بوالديه فلقد توفي والده -رحمه الله- منذ سنوات وبقي باراً بأمه حتى وفاته. ففي الجانب العملي كان حريصاً على كل ما يخدم المحافظة التي عمل بها، وكان يسمع الآراء ولا يبدي رأياً أحادياً إنما يسمع من الجميع ويقرر حسب ما تقتضيه المصلحة العامة بعد أخذ الرأي من أصحاب الشأن، وكذلك آراء أعضاء المجالس ورؤساء الجهات الحكومية ليكون قراراً في مصلحة الجميع.
كان -رحمه الله- يقدر الإعلام والإعلاميين وقد لمست ذلك كلما زرته في ثادق وجلست معه، فكنت أحرص أحياناً عند ذهابي إلى الرياض بالمرور بثادق والسلام عليه والاستماع إلى أحاديثه الجميلة التي تجمع بين الثقافة وحسن التعامل وطرح بعض المشاريع وأحياناً التفكير في بعض المعوقات لعمل ما وخلالها كنت أتناول القهوة معه غالباً قبيل صلاة الظهر وهو وقت قهوته الخاصة ونتبادل الحديث ويسأل دائماً عما تحتاجه المحافظة مؤكداً أن الإعلام هو عين له يرى ويسمع من خلالها آراء الجميع وهو رأي المواطن ويقول انقلوا لي كل تقصير ترونه في المحافظة أو أي جهة حكومية لنساهم في حلها معاً ولا تضخموا الأمور فكل مشكلة لها حل وبالتعاون نسير في الطريق الصحيح وفق ما نراه مناسباً وحسب إمكاناتنا. كان -رحمه الله- خلال زياراته للدوائر الحكومية لتفقدها أو لافتتاح معرض أو نشاط أو مهرجان لا ينتقد أحداً ويثني على القائمين عليه ويزيد من تكرار الشكر لهم على جهودهم ويعرض المساعدة والدعم لهم. عمل في ثادق محافظاً لمدة خمس سنوات ثم كلف محافظاً لمحافظة الدوادمي بعدها محافظاً لمحافظة الأفلاج وخلال مرضه وقبل وفاته بحوالي 3 شهور قدم على التقاعد ثم توفي -رحمه الله- بعد رحلة عمل خدم خلالها 3 محافظات كان فيها شعلة من النشاط يساهم في دعم الرؤية 2030 ويساهم في البناء والتطور ويوفق بين الأهالي يجمعهم على الخير بحسن خلقه وتعامله، فالكثير يعملون ويدعمون تقديراً لجهوده مع الجميع ولاحترامه لهم وفي كل محافظة تراه يعمل وكأنها مسقط رأسه فهو يردد دائماً كل منطقة في وطني أشعر كأنها مسقط رأسي وأرى من واجبي العمل بها بكل جد وإخلاص تنفيذاً لتوجيهات ولاة أمري ودعماً لكل مواطن في بلدي.
رحمك الله وأسكنك فسيح جنانه فلقد تركت من بعدك أثراً لجهود طيبة وأعمالاً لا زال الجميع يتذكرها وألفت بين القلوب بشكل جعلهم يدعون لك بالمغفرة والرحمة فقليل من يضع نفسه أخاً للجميع ويجعل المنصب جانباً في سبيل خدمة المجتمع فلا عمل ينجح من دون تكاتف الجميع وترابطهم ومحبتهم لبعضهم وإزالة كل خلاف وزرع المحبة بين الجميع.
** **
- محمد عبدالله الحميضي