د.شريف بن محمد الأتربي
رسالة تتردد على مسامعنا كثيرًا خلال اليوم عند محاولة الاتصال بشخص ما، وغالبًا ما يضيق صدر المتصل لعدم إمكانية وصوله إلى المتصل به، وكثيرًا ما يدور في ذهن البعض أن المتصل به قد قام بحظره، ومنعه من الوصول إليه.
هذه الرسالة على الرغم من بساطتها ودقتها إلا أنها تحمل في طياتها الكثير والكثير من المعاني؛ إذ ارتبطت في حياتنا بشكل عام بنهاية العلاقة، واستنفاذ القدرة على استكمالها، وأيضًا مكملة لرسالة أخرى ربما سبقتها، وهي أن الخط المطلوب مشغول الآن، وكذلك عدم الرد.
إن العلاقات الإنسانية- ولا أقصد الشخصية منها- تُبنى على الأخذ والرد، على التراحم والتكافل، ففي كثيرٍ من الأحيان يكون المتصل محتاجًا إلى الدعم النفسي، إلى كلمة تجبر بخاطره، إلى مؤازرة نفسية نتيجة مروره بضائقة ما، أو مشكلة ما، وعندما يتصل بك ولا يجد لديك اهتمامًا به، أو تقديرًا لمشكلته، بل وفي بعض الأحيان الاستخفاف بها أو به، فسرعان ما ينسحب من العلاقة، ويكتفي بكون هاتفه يردد: فضلاً محاولة الاتصال في وقتٍ لاحق.
أكاد أجزم أن هذه العبارة: إن الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن، فضلاً عن محاولة الاتصال في وقتٍ لاحق هي العبارة الوحيدة التي تلقها وسمعها سكان العالم كله ممن يستخدمون الهواتف المحمولة، وعلى الرغم من ذلك لم تحرك لدى أحد منهم ساكنًا إلا من رحم ربي، إنها رسالة على الرغم من بساطتها إلا أن معانيها الكبيرة لم يفهمها كثيرٌ منا، فنحن نحتاج إلى مراجعة كل علاقتنا مع المحيطين بنا سواء الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء قبل أن نسمع هذه العبارة، ولا نتمكن من الوصول إلى الطرف الآخر والاعتذار منه، وسماع شكواه، ومشاطرته أحزانه.
وأخيرًا حافظوا على مشاعر من حولكم ولا تنتظروا ولا تأخروا الاتصال بهم فلربما يكون هو الاتصال الأخير.