علي الصحن
في الهلال خصلة مهمة لازمته طوال مشواره وسيرته بطلاً على الدوام، وهي خصلة موجودة في عدد من الفرق العالمية، وتتمثل في استمرار الحافز والرغبة المستمرة في الإنجاز وعدم اليأس والوقوف عند نقطة معينة، حتى وإن خفت الفريق قليلاً وظن البعض أنه استسلم ووضع عصاه، فلا يلبث أن ينهض من جديد ويتمسك بكل أمل ويعود سيرته الأولى.
في مسابقة كأس دوري الأمير محمد بن سلمان، تراجع الفريق كثيراً وبدا أن مسألة حفاظه على لقبه قد وصلت إلى درجة المستحيل، وأن دونه وقطع المسافة الهائلة بينه وبين المتصدر خرط القتاد، خاصة وأن الطريق محفوف بالمصاعب، مليء بالعقبات، في وقت يرتاح منافسه منتظراً عثرة واحدة تتوجه بطلاً بعد سنوات الغياب الطويل.
قبل نهاية الدوري بجولتين، نجح فريق الهلال في الوصول إلى الصدارة والوقوف على خط المساواة مع فريق الاتحاد في حظوظ الفوز باللقب، وبات على الفريق أن يعتمد على نفسه فقط، وألا ينتظر نتائج الآخرين علماً بأن الصعوبات لم تنته والفتح والفيصلي ليسا فريقين سهلين يمكن تجاوزهما بسهولة، وعودة إلى مواجهات الهلال الثلاث معهما هذا الموسم تبين كل شيءـ وتؤكد أن على الفريق الساعي إلى لقب ثالث على التوالي والخامس في ظرف ستة مواسم بذل المزيد من الجهد حتى يصافح رقماً قياسياً جديداً يصعب على منافسيه في المواسم المقبلة.
بعد فوز الهلال على أبها وخسارة منافسه المباشر على اللقب من الطائي تبارى بعض الهلاليين وبينهم إعلاميون (!!) في إبراز قيمة الفوز والعودة للصدارة، والخيل الذي يلحق في النهاية رغم أن الفريق لم يبلغ خطها، وبدا أنهم واثقون من التتويج باللقب دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، وهو أمر يتكرر من البعض ويظهره أثره السلبي على الفريق ولاعبيه دون أن يدرك البعض ذلك، وبعضهم يدرك خطأ ما يفعل لكنه ينحاز إلى رغباته في كسب أكبر عدد من المتابعين والحصول على ردة فعل واسعة على ما يتطرق له وينشره من مقاطع وعبارات تعظم الماضي وتهون المستقبل، رغم أن الفريق لم يمسك أي شيء، وربما يتعرض من جديد إلى ما تعرض إليه في نهائي كأس الملك الذي خسره من الفيحاء، أو مباراة السوبر التي كسبها بشق الأنفس أمام الفيصلي..... ومن نقطة الترجيح.
في مواطن كثيرة احتفل بعض الهلاليين بالكسب دون أن يتحقق فعلاً، وبعدها وجد الفريق نفسه في مأزق صعب، تجاوزه بصعوبة، أو خسره وكان الأقرب إليه، وهنا تبرز مباراة السد الشهيرة في نصف نهائي القارة 2019، ويومها «تقدم الهلال في الذهاب بأربعة، ثم سجل هدفاً مبكراً في الإياب، ووسط الاحتفال الأزرق كانت الكرة تطل بوجهها الآخر، وترسم خطاً مختلفاً، وبدلاً من الاحتفال تحول الجميع إلى محاسبين يوازنون الكفتين ويقلبون حسبة الهدف بهدفين، ومن يتأهل بهذه النتيجة، ومن سيخرج بتلك، وهذه هي كرة القدم، تسعدك يوماً وتعبس في وجهك يوماً، ليس فيها فائز دائم ولا نتائج مضمونة، وكل شيء متوقع فيها، وهذا سر إثارتها وجمالها».
إن على إدارة الهلال –وأنا متأكد أن هذا لا يخفى عليها- أن تعمل على إعداد فريقها لمباراتي الفتح والفيصلي فنياً ونفسياً، وألا تكل في إيضاح أهمية المباراتين وعدم التهاون فيهما، وأن تضع كل ثقلها هذه الفترة في هذا الجانب، وإن نجحت في ذلك فسوف تكون قد حققت إنجازاً كبيراً بأهميته وأرقامه وتكراره والظروف الصعبة التي رافقت الفوز به، وهنا يحسب لرئيس النادي ما دونه في تويتر بعد تجاوز أبها: «تبقت أمام الهلال مباراتا نهائي تتطلبان منّا العمل والتركيز لكي نفرح بتحقيق البطولة»، وهذا كلام المسؤول الخبير بعيداً عن صخب وسائل التواصل، وأهداف كل مدون فيها.