د. محمد بن إبراهيم الملحم
تحدثت قبل عام عن هذا الموضوع في مقالتين متتابعتين هنا أولاهما «ثلاثة فصول.. صح أم خطأ؟» وذلك في 3 يونيو 2021 وهذا رابطها لمن يرغب الرجوع لها https://www.al-jazirah.com/2021/20210603/ln26.htm والثانية «ثلاثة فصول.. الملاءمة والجاهزية» وذلك في 10 يونيو 2021 https://www.al-jazirah.com/2021/20210610/ln10.htm وكان ذلك إثر صدور قرار الفصول الثلاثة، حيث تنبأت ببعض الإشكالات واقترحت بعض الحلول، كما أني توقَّعت توافر بعض الجوانب ضمن القرار (لما فيه من التأثير الكبير على المجتمع) وأبرزها توفر الكتب المقسمة على الفصول الثلاثة كما روَّج لذلك الفيديو التعريفي بالمشروع بيد أنه اتضح لاحقاً أن الكتب هي نفسها كتب الفصلين! وهو ما أحدث ارتباكاً لدى المعلمين في التعامل مع المقرر، وأشرت أيضاً إلى المواد الجديدة التي ذكرتها مبررات المشروع (مثل التفكير الناقد) وضرورة التدريب المكثَّف للمعلمين في تدريس هذه المواد «الدسمة» ولكن اتضح أن ذلك لم يكن على المستوى المأمول وقُدِّمت بطريقة تقليدية لتصبح مادة حفظ وتسميع! كما تحدثت عن الإجازة بين الفصلين وضرورة أن تكون أسبوعين بدلاً من واحد لتتمكَّن الأسرة السعودية (الكبيرة) من السفر والتمتع بالوقت ولكن ذلك لم يحدث وكل ذلك محبط بشأن ما توقَّعناه عن «منافع» متوقَّعة (أو مخطَّط لها) للفصول الثلاثة.
واليوم حدث أيضاً ما توقَّعته وأشرت إليه بوضوح بشأن الآثار السلبية المتوقَّعة على الطلاب من الإجازات الكثيرة ما بين إجازة منتصف الفصل الدراسي الثاني وإجازات نهاية الأسبوع المطوَّلة (يومين) والتي أحدثت انفصالات متكررة للطلاب عن المدرسة مما شرذم نفسيتهم نحو الجو المدرسي وقطع وتيرة حماسهم في الدراسة والجد والهمة والنشاط، ويكاد أن يكون هذا الملمح هو ما أجمعت عليه كل الآراء التي تتحدث اليوم عن هذا النظام بعد تجربته ومعايشته سواء تلك التي في المجالس أو داخل الأسرة نفسها بين الطلاب وآبائهم وأقاربهم أو ما ينشر عبر السوشال ميديا، وأتمنى أن هناك من يرصد هذا النبض من المسؤولين الذين يهتمون بتقديم ما يلائم المجتمع ويتوافق معه ويفيده لننعم مستقبلاً بحركة تصحيحية لما حدث.
تحدثت طبعاً عن عدم التوافق بين إجازات الطلاب في شكلها الجديد (خاصة إجازة نهاية الأسبوع المطوَّلة) وإجازات آبائهم مما يجعلها مجرد يوم (أو يومي) فراغ ممل في حياة الطالب أو الطالبة يمضيانه في النوم غالباً، وهذا هدر اقتصادي في إنتاجية هذا الفرد المهم لمستقبل بلادنا، بل ويتضمن (دون قصد) تربية سلبية «رسمية» على الكسل، وقد أشرت أيضاً إلى إشكالية التكييف في شهور الصيف والتي توافق أواخر الفصل الثالث، والتي نأمل أن تمر بسلام على طلابنا وطالباتنا الذين يدرسون في مدارس قديمة أو بعيدة عن فرق الصيانة خاصة أيام الاختبارات في شهر يونيو الحالي قريباً!
وظهرت هذه الأيام قضية الفصول الثلاثة للجامعات وهي مسألة أخرى ذات أبعاد مختلفة لكن أبرزها بدون شك تجربة المناهج وإجازات نهاية الأسبوع المطوَّلة المملة وهما نقطتان أتمنى أن تتجاوزهما الجامعات وتكون قد «استفادت» من تجربة ما حدث في مدارس التعليم العام. ولا بد أن أنوِّه هنا أني لست من معارضي الفصول الثلاثة، بل إني دعوت إليها هنا في عمودي هذا عام 2017 في مقالتي «الإجازات الدراسية تقويمنا وتقويمهم» ورابطها https://www.al-jazirah.com/2017/20170209/ln17.htm ، حيث شرحت التجربة الدولية في الفصول الثلاثة مستعرضاً أنظمة خليجية وعربية وأوروبية حول مدة إجازات ما بين الفصلين ودعوت إلى ثلاثة فصول مع تمديد الإجازة بين الفصلين إلى أسبوعين لما فيها من المنافع المهمة. وتحدثت في مقال تبعه عن التقويم الميلادي وضرورة عدم التقيد بالهجري في صياغة إجازات الأعياد https://www.al-jazirah.com/2017/20170216/ln20.htm، وكل هذه الدعوات لم أتصور فيها أن يتم تطبيق المقترح مع مشكلات عدم الاستعداد بالمقررات اللازمة، وإجازات إضافية تطيل الفواصل وتمل الطالب، ومعها إضافة مناهج جديدة تثقل كاهل الطالب مع معلم غير متمكن بما فيه الكفاية! وغير ذلك من مشكلات التطبيق التي ضج بها مجتمعنا وربما سمعتها المجتمعات المجاورة ولكن لا أدري هل سمعتها آذان الوزارة الكريمة!