مها محمد الشريف
مع تطور تكنولوجيا الحرب ظهرت أولى دلالات هذه التغييرات ونتائجها، فقد شكّلت التقنيات محوراً مهماً في تطور الحروب، بالأسلوب التكتيكي انطلاقاً من أسلحة المواجهة طويلة المدى، والأوامر التي تفضي إلى ضرورة التقرب من خطوط العدو ومباغتتها، وقد ساهم التقدم التكنولوجي في انتشار التقنيات العسكرية وأثرها على التدريب والتقيد بموجبها، والتكتيكات في الحرب السيبرانية لتضيف مزيداً من التعقيد والتحدي التي تشل الأعمال والخدمات لأي منشأة أو دولة وتعطيل أنظمتها من خلال الاختراقات، وتصميم العمليات العسكرية على الخرائط والإذعان لآلة الحرب التي تتميز باتجاهات تقنية رئيسية في الحرب المعاصرة عن الماضي.
في الماضي كانت التعليمات مكتوبة وبناءً عليها يتم التعامل الأفضل معها كما هو استخدام القوة العسكرية وتجهيز الأسطول في الحرب وتشجيع السفن على استغلال الفرص السانحة على مداهمة العدو من الخطوط الأمامية وهو الأمر الذي أصبح ميسوراً للغاية اليوم بأسلحة لها رؤوس نووية بعيدة المدى، وتداعيات لا يمكن التنبؤ بها على الأمن العالمي فهل انتهى عصر الحلول الدبلوماسية والإجراءات القضائية؟، أم أن القرن الحادي والعشرين استعراض لصناعة الأسلحة وأنظمة الصواريخ النووية المتقدمة التي أصبحت أشد فتكاً ومصدر قلق رئيسياً؟.
لقد ساهمت تقنية المعلومات والاتصالات والثورة الصناعية في تقدم اتصالات البيانات وتشكيل المجال المعرفي وصنع القرار على جميع مستويات القيادة والذكاء الاصطناعي، والأنظمة التي ستستمر بالتطورات بشكل متسارع لقتل البشر بفاعلية وخطف حياتهم، بأسلحة تفوق سرعة الصوت إضافة إلى الإجراءات المضادة. لاسيما وأن التقدم في التقنيات التي تفوق سرعة الصوت مستمرة في تحسين فعالية الردع والضربة الأولى للأسلحة الهجومية مع زيادة الضغط في نفس الوقت على الأنظمة الدفاعية.
هنالك من الأسباب الوجيهة ما يدعو الآن لاستخدام الذكاء الاصطناعي استخدامات سلمية، وليس لتوسيع وأتمتة جمع البيانات وتوظيفها في صناعة عصر المعارك وتغيير التكتيكات لدائرة الحرب وعصر التجارة، ولكن المكاسب من الحروب هو الشغل الشاغل للدول الصناعية لهذه التجارة والتقنية الحيوية ذات التطبيقات العسكرية، فقد بدأت هذه الهيمنة مع التقدم في التقنية الحيوية التي تعزز الفعالية القتالية والسيطرة على أي تشكيل مائي يخضع لإملاءات الحاجة الاقتصادية والنفوذ السياسي ومع ذلك تجهيز القوة لغزو جاهز للتدمير وزيادة القدرات الحربية الحالية.
وعلى الرغم من الواقع الذي يبلغ اتساعه مساحة طاقة البشر يعج بمزيد من الأعاصير والتيارات والرياح العكسية وصعوبات تزداد تعقيداً ستستمر العلاقة بين التقنية والحرب في التطور طوال القرن الحادي والعشرين، وسيعزز التكامل الوثيق بين المقاتلين والأنظمة التقنية والفعالية القتالية في الجيوش المحترفة، وفي الوقت نفسه، سيؤدي الانتشار التقني إلى تمكين المصانع بما يفوق قدرات الدول الاقتصادية وذلك بتأثير التقنية والتكنولوجيا في بناء الإستراتيجية العسكرية.
في هذه الأثناء، يظل التهديد يحتل المراتب العليا للبنى الاقتصادية بصورة متزايدة يدفع تكاليفه العالم أجمع، وقد يرغمه على الدخول في تحالفات لضمان أمنه القومي وتحقيق مصالحه الوطنية، من خلال التطورات الكبيرة بزيادة هائلة في القدرات العسكرية المتاحة للكيانات الصغيرة، حيث تمدها بقدرات اعتادت أن تكون حِكراً على القوى الكبرى، لذا أصبحت الإستراتيجية العسكرية وسيلة تستخدمها الدولة لتحقيق غاياتها المختلفة، فسجل الحرب يمتد إلى أربعة قرون ماضية، ظهرت عواقبها وتداعياتها على الإنسانية.