عثمان بن حمد أباالخيل
شتان بين التملق والمجاملة، المُتملقون والمجاملون والمتملقات والمجاملات نجدهم ونتعايش معهم في كافة تفاصيل حياتنا وحيث كنّا وهذا قدرنا. في الواقع المتملقون والمتملقات كاذبون، وهم يلجؤون إلى الكذب من أجل الحصول على منفعة, وبطبعهم التودد والهدف من ذلك هو إثراء وإرضاء النفس والكثير منهم يفوزون عادة بخطوات مادية واجتماعية ومناصب وتقرّب أكثر من غيرهم, وما يقومون به من مديح ليس صادراً من القلب بل من طرف اللسان.
هذا الكم من التملق والنفاق الصادر من بعض طبقات المجتمع أصفه كالزبد يذهب جفاءً وكفقاقيع الهواء ورغاوي الصابون التي لا قيمة ولا وزن. لست أدري كيف يجيد المتملق والمتملقة هذا النوع من التودد الرخيص الذي يهينون به أنفسهم، لنتجاهل هذه الشريحة من الناس ولا نترك لهم فرصة في الدخول في تفاصيل حياتنا.
(لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق.. ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة) - شارلي شابلن.
للمجاملة غصون وأروق خضراء نضِرة لكن في حدود، أعشق ويعشق معي الكثيرون والكثيرات شيئاً من اللطف أو الرعاية أو الأخلاق الحميدة تجاه إنسان آخر, ولكن في حدود العلاقات الاجتماعية المتعارف عليها بين الناس ودون الخروج عن مقتضيات العرف الاجتماعي السائد في المجتمع. في بيوتنا نستخدمها، الزوج مع زوجته لكي يختصر مشاكل يمكن أن تحدث، والعائلة فيما بينهم، والأصدقاء فيما بينهم ومع المدراء والمديرات وبين الإخوة والأخوات وبين الصغير والكبير، إنها أصبحت جزءا من قيمناً الاجتماعية وهي تهدف لترطيب الأجواء وجعل الحياة أكثر جمالاً وقبولاً.
المجاملة فن يجيده الحريصون على العلاقات الاجتماعية, أما التملق داء فهل له دواء؟ شخصياً وغيري الكثيرون والكثيرات لديهم القناعة إنّ المجاملة أسهل وأسرع وسيلة للوصول لقلوب الآخرين. أقلق كثيراً من أنْ تتحول المجاملة هذه الأيام لصورة من صور الكذب والنفاق الذي يستخدمه البعض لتحقيق مصلحة خاصة تحت شعار الغاية تبرر الوسيلة، (الفرق بين المجاملة والنفاق هو الفرق بين كلامي وكلامك). الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي رحمة الله.
جامل ولكن لا تبالغ حتى لا تقع في محيط التملق، جامل بذوق رفيع وتأنٍّ واختيار العبارات التي تصل إلى القلب، جامل لكن لا تقول للفاشل أنت ناجح، والكذاب أنت صادق وكن واقعياً وشفافاً.
لا تترك المجاملة خشية النفاق والتملق, فالمجاملة كريمة ومشتقة من (الجمال) الذي يجمّل الحياة بين الناس وكما ذكرت سابقاً بحدود المعقول وحين تتعدى ذلك تدخل في دائرة التملق التي يتحاشى الكثيرون من دخولها. جاملوا في كل شيء إلا في الدين والحب حتى لا تكون المجاملة في الدين رياءً فتأثمون وفي الحب شقاءً فتندمون.
همسة: (لا تبالغ في فن المجاملة ولا تدخل دائرة التملق فيصعب الخروج منها)