د.حماد الثقفي
ما تشهده صناعة المصرفية الإسلامية اليوم من انفتاح تطويري لافت وانتشار ملحوظ حول العالم مُنذ إطلاق برنامج تطوير القطاع المالي في عام 2017، بهدف تمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص، وتطوير سوق مالية متقدمة، وتعزيز وتمكين التخطيط المالي. كل ما سبق يجعل من المملكة العربية السعودية تجربة ناجحة يُحتذى بها، فهي الأولى عالمياً في ذلك المجال بأصول تُقارب ثلاثة تريليونات ريال سعودي أي ما يعادل 28 % من إجمالي أصول المالية الإسلامية عالمياً، بل حققت نمواً سنوياً بما يزيد على 10 % لتبلغ حجم أصول الصناعة العالمية نحو 2.7 تريليون دولار خلال 2020.
إن تحقيق البرنامج نجاحه الكبير، وانضمام السوق المالية السعودية «تداول» إلى المؤشرات العالمية «FTSE» و«MSCI» أسهم في إنجاح الطرح الأولي لاكتتاب أسهم أرامكو عام 2019 ونمو السوق المحلي مع التزامها بالمعايير الدولية ذات الصلة، بما في ذلك متطلبات بنك التسويات الدولية والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، حتى صار من أكبر 10 أسواق في العالم، تحقيقاً لأهداف رؤية المملكة 2030 .
ولأنها تتبوأ دوراً محورياً وكبيراً في القطاع المالي العالمي بشكل عام وقطاع التقنية المالية والإسلامية بشكل خاص على الصعيد الدولي والإقليمي، كونها أكبر محتضن للمالية الإسلامية من حيث إجمالي الأصول، وذلك تماشياً مع التطورات التي يشهدها القطاع المالي في الدول الرائدة، والجهود التي يبذلها البرنامج تطوير القطاع المالي لإطلاق برنامجه المصرفي المفتوح في المملكة عبر توظيف التقنيات المتجددة في الخدمات والمنتجات المالية لفتح أبواب الفرص المستقبلية وإثراء ثقافتنا في كل ما يتعلق بالمصرفية المفتوحة والتحول الرقمي ومدى آثارها في تحقيق الشمول المالي ودعم المُنشآت، وخلق بيئة تنافسية تعزِّز من مستقبل الصناعة المالية الإسلامية، خاصة مع إطلاق برنامج القطاع المالي إستراتيجية المالية الإسلامية، تمهيداً للدورة الثانية من المؤتمر المزمع انعقاده في مارس 2023 المقبل.
والمالية الإسلامية، فقد أخذتنا اليوم في رحلة بين المحطات، التي مرت بها المصرفية المفتوحة في المملكة، وشاهدنا معالم الابتكار فيها، واطلعنا خلالها على حجم الجهود التي يبذلها برنامج القطاع المالي لإطلاق برنامج المصرفية المفتوحة بالمملكة، الذي يهدف إلى الإسهام في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، ومن ذلك: تنمية الاقتصاد الرقمي، وتمكين المؤسسات المالية من دعم نمو القطاع الخاص وزيادة حصة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البنوك من خلال فتح المجال أمام جهات جديدة لتقديم الخدمات المالية، وضمان نمو سوق رأس مالية متقدمة من خلال تعزيز خيارات التخطيط المالي، وتطوير قطاع تأمين مستدام ومزدهر بالمملكة، وزيادة حصة المعاملات غير النقدية من 36 % في عام 2019 إلى 70 % بحلول العام 2025، مما يكون له ذات الأثر الملموس على المواطنين مثل التوجه نحو مجتمع غير نقدي، وإطلاق نظام المدفوعات الفورية والذي تجاوز أهدافه في أقل من 12 شهراً.