د.عبدالرحيم محمود جاموس
تحلُّ على الشعب الفلسطيني الذكرى الحادية والعشرين لاستشهاد ابن فلسطين، ابن القدس البار القائد الوطني الكبير فيصل عبد القادر الحسيني الشهيد ابن الشهيد وحفيد الشهيد، تأتي هذه الذكرى الأليمة والثقيلة بكل ما تعني لفلسطين وللقدس الأرض والشعب على السواء، لما تشهده القدس من هجمة صهيوأمريكية شرسة ومتصاعدة، تستهدف الأرض والإنسان والمقدسات، كم هي القدس تفتقد اليوم هذا الرمز الكبير من رموزها الوطنية والمناضلة، كان كبيراً متواضعاً، شجاعاً حَيِيَاً، صاحب قلب كبير، كان الروح الجامعة والفكر الثاقب وواسطة العقد، حمل هم القدس وهم فلسطين، كان -رحمه الله - يعي ماذا تعني القدس لفلسطين وللعرب وللمسلمين والمسيحيين وللإنسانية، كان يعي أن معركة فلسطين هي معركة القدس، وأن من يكسب القدس يكسب فلسطين.
لقد كان دارساً لتاريخ القدس وفلسطين ومستوعباً لدروسه وعبره، يعرف مكانتها في الصراع الدائر منذ الأزل إلى الآن، أعطاها كل اهتمامه، لا يوجد حجر في القدس ولا شجر ولا بشر، إلا وأخذ من اهتمام الشهيد فيصل، كان مدركاً أن من يعطي الأرض هويتها ومن يعطي المقدس قيمته هو الإنسان، كان واسطة العقد لكل مكونات القدس الإنسانية، إسلامية ومسيحية سياسية واجتماعية، كان قائداً فذاً، يجمع ولا يفرق، يستنهضُ ولا يخذِلُ ولا يعرف الإحباط مهما ادلهم الصعب، كان في المقدمة دائماً دفاعاً عن المقدسات ودفاعاً عن الإنسان ودفاعاً عن الأرض، لقد استحق بجدارة كل أوسمة النضال، والدفاع عن القدس والمقدسيين، وعن فلسطين والفلسطينيين، لا يألو جهداً، ولا يترك مناسبة أو حدثاً إلا والقدس وفلسطين حاضرتين فيه، كان مناضلاً من طراز خاص، لا ترهبه إجراءات العدو، ولا تثنيه عن مواصلة النضال من أجل الهدف الذي نذر نفسه له، كما فعل والده من قبله الشهيد عبد القادر الحسيني، دفاعاً عن عروبة وإسلامية ومسيحية المدينة المقدسة، دفاعاً عن حقوق شعبه المشروعة في وطنه فلسطين، كان -رحمه الله- مدرسة نضالية، كان مدينة في رجل، ووطناً في رجل، كان سهلَ القبولِ والوصول إلى النفوس، دون تكلف أو فيهقة، أحبه الجميع، واستحق عن جدارة كل الأوسمة والألقاب في الدفاع عن القدس وما تمثله، هو فارس القدس، وأميرها، وبقي حتى لاقى وجه ربه على أرض الكويت الشقيق يوم 31-05-2001م وهو يحملُ همَّ القدس وهمَّ فلسطينَ، هذا الهمُّ الذي لم يفارقه لحظة واحدة، قضى في سبيله، لقد أحبه شعبه وبكاه يوم فقده الكبير، بما يستحق العظماء من البكاء حين تحلُ ساعة الرحيل، ودعه شعبه بما يستحق من وداع، أرهب العدو الإسرائيلي، فرض عليه هيبته، فأخلى العدو مواقعه في كل المدينة المقدسة خوفاً ورهبة من موكب هذا الراحل العظيم ومن هذا الوداع الشعبي العفوي الكبير.
الشعب الفلسطيني اليوم يستذكر في فارس القدس وأميرها وشهيدها، كل هذه المعاني النضالية العظيمة، ليؤكد أنه على خطى هذا الفارس القائد في الدفاع عن القدس والوقوف في وجه الهجمة الإسرائيلية الأمريكية الشرسة والمتصاعدة التي تتواصل وتتصاعد في ظل تطرف وإرهاب حكومة المستعمرة الساعية لطمس هوية القدس وتهويدها، وقطع رأس المشروع الوطني الفلسطيني واستئصال قلبه (القدس)، لكن رفاق فيصل من إخوانه وأبنائه وأحفاده أبناء القدس وكل أبناء شعبه الفلسطيني، يحملون رسالته، لن يكلوا عن مواصلة طريق النضال الذي قضى عليه فيصل من أجل القدس، عاصمة لفلسطين، من أجل أن يعم السلام مدينة السلام، وأرض السلام فلسطين.
رحمك الله فقيدنا الكبير وشهيدنا وفارسنا ومعلمنا، رحمة واسعة، وأسكنك فسيح جناته، أنت وجميع رفاق دربك الذين سبقوك، والذين ساروا على نفس الدرب، والتحقوا بك، فهنيئاً لكم جميعاً، قوافل الشهداء الأبرار، من أجل القدس، من أجل فلسطين حرة مستقلة، نذكركم جميعاً لا ننسى أحداً منكم، نعاهدكم المضي قدماً على طريق النضال والكفاح، حتى تتحقق كامل الأهداف التي قضيتم من أجلها.
سيبقى زيت ذكراك العطرة، يضيء الطريق إلى القدس عاصمة فلسطين الأبدية.
** **
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني