م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - مركزية حضور الجامعة في أي مجتمع تحتمه مأسسة التعليم والتفكير والتخطيط وتراكم المعرفة وامتداد الجهد المنظم للبحث.. وهي ركيزة أساسية في أي حالة نهضة يمر بها أي مجتمع.. فالجامعات لعبت دوراً محورياً في أقطار العالم في عملية التنوير والتحديث.. واستطاعت التأثير المباشر في الواقع العملي اليومي في حياة الناس.
2- الجامعات السعودية اليوم ليست مطالبة فقط بالنهوض بالعلوم والبحوث بل النهوض بوعي الشباب روحياً وعقلياً وثقافياً، ورفع الحس الخاص لهم تجاه كل ما يمس الشأن العام.. فدور الجامعة السعودية اليوم هو دور محوري في التنمية والمساهمة في نقل المجتمع إلى الحالة التي تسعى لها الدولة من خلال الرؤية، وهي نقل الاقتصاد من ريعي إلى إنتاجي، واستكمال بنية المجتمع التي تدعم قوى الدولة الصلبة والناعمة على حد سواء.
3- الجامعات السعودية مطلوب منها أدوار طليعية مُبَادِرة.. تضيف للتنوير وتقوم باستنهاض الهمم، والتطلع إلى المستقبل تطلع المنافس الذي يملك الأدوات وليس تطلع الخائف الذي يسعى للسلامة والإبقاء على ما لديه على قلته وشُحِّه.. المطلوب من الجامعات السعودية أن تنفك عن عزلتها المجتمعية.. فالجامعات مؤسسات مجتمع مدني ومن مهامها إلى جانب البحث العلمي التفاعل مع طلبتها.. والاشتراك معهم في علاقة تبادلية تسهم في رفع روح العمل والتعلم لديهم إلى مستويات تقودهم إلى الجدارة العالمية وتحثهم على التفاعل الاجتماعي.. وتعد كلاً منهم ليكون إنساناً عالمياً في فكره وتوجهاته، وفرداً إنسانياً في تعاملاته وأخلاقياته، وتنتج منه شخصاً راقياً ذا إرادة تسعى للمعالي وتعي دورها في مجالها الحيوي.
4- الجامعة هي البيئة الحاضنة للحراك الفكري والثقافي، وللإبداعات في الآداب والفنون، وللابتكارات والاختراعات والأفكار والنظريات والتجارب.. وهي الحاضنة لكل جديد وخارج عن المعتاد والسائد.. هي مكان الموضات والصرعات والاستعراض والمنافسة والاحتجاج على كل شيء وأي شيء.. هي البيئة الحاضنة للنمو والتعلم والتجريب والاختبار والتعارف وصنع العلاقات وبناء الأفكار وتحديد الاتجاهات.. هي المكان الذي يمكنك فيه الصراخ بأعلى صوتك أو الانسحاب والإنزواء وحيداً في عالمك الخاص، كل له حريته فيما يريد ويهوى.. هي المكان الذي ينطلق منها الشاب نحو مستقبله.. ومستقبل الشباب هو مستقبل الوطن كله.
5- الجامعات هي البيئة الحاضنة للحوارات الفكرية والسياسية والثقافية والرياضية والاجتماعية والدينية وكل حوار إنساني يمكن أن يكون.. فهي توفر السقف المرتفع لحرية الرأي، والأمان من التهديد الذي يمكن أن يصدر من جهة ذات سلطة أو أفراد متسلطين.. فترفع بذلك من مستوى الحوار والتفاعل والنقاشات والجدال الذي سوف يُنْتِج حتماً رأياً سديداً يؤخذ به.. ويسهم في اتساع مدارك طلبتها، وبروز العقول المتميزة منهم.. ويدفع نحو تفجير طاقات الشباب وأفكارهم حتى ولو كانت ضد سياسات الجامعة ومناهجها.. وهذا بكل تأكيد سوف يثمر عن تخريج مفكرين وباحثين وأصحاب مناهج وعلماء وقادة رأي عام وسياسيين وحقوقيين وأدباء وفنانين من ذوي القامات العالية التي يفخر بها أي مجتمع.. أي أن الجامعة هي المختبر أو المصنع الذي يُنْتج المتميزين البارعين الموهوبين القادة.
6- الجامعة هي منصة الارتقاء بالذات الفردية.. والفرد هو المكون الأساسي للمجتمع.. وبالتالي فإن التنمية البشرية وتطوير المجتمعات لا بد وأن ينطلق من الجامعات.. من هنا فإن دور الجامعات في الإسهام في التحولات الوطنية الكبرى دور مفصلي حيوي.. ولا غرابة في ذلك فالجامعات هي الحاضنة للشباب والمحتوية والموجهة لهم.. لذلك فمن المتوقع أن التغيير يبدأ بالشباب وينطلقون من منصتهم الجامعة.. فالشباب هم وسيلة الدولة لإحداث التغيرات المجتمعية.. وهم الخامة القابلة للتشكيل والتي ستدعم الدولة في مواجهة المقاومة المتوقعة من الجيل الأكبر سناً الذي يجد صعوبة في فهم وقبول التغيير.. هذا الجيل الذي يرى الحياة في بُعْدها الواحد الذي اعتاده.. لكن الشباب لديهم القدرة على رؤية الحياة بأبعادها الجديدة.. وهؤلاء مكانهم الجامعة.. من هنا تكمن أهمية الجامعة وخطورة دورها.