رمضان جريدي العنزي
لا تجعلوا الحمقى والتافهين مشاهير، أميتوهم في مهدهم، لا تهولوا من شأنهم، أكبحوا جماح سوئهم وقبحهم وهرطقاتهم، ابتعدوا عنهم، لا تتابعوهم، لا تصفقوا لهم، الغوا كل محتوياتهم، وفروا منهم كما يفر الصحيح من الأجرب، أنهم غثاء كغثاء السيل، وزبد كزبد البحر، ولهم رائحة متعبة كرائحة الغبار، ونتنة كرائحة المستنقع، ما عندهم أهداف سامية، ولا إرادة قوية، ولا محتوى مفيد، ولا طرح نقي، غابت القيم عندهم والأخلاق والثوابت، وطغى عندهم حب المال والشهرة، واقعهم عند العقلاء مرفوض، لأنهم يصيبون بالغثيان والغصة والتعب، وينطلقون من مبدأ الكذب والغش والتلفيق والتدليس، يبحثون عن المال بشهوانية عارمة، يريدونه بأي طريقة كانت ومهما كانت وكيفما جاءت، وإن كان عبر مظاهر الفحش والتعري والفجور، أنهم قدوات سيئة، ينتجون التبرج والعري، ينفثون سمومهم، ويروجون لعفنهم، إن جولة واحدة في مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بأن تجعلنا ندرك تمامًا بأن جميع هؤلاء يشتركون في صناعة التفاهة والرداءة والبلاهة، لقد أثر ابتذال هؤلاء على قناعة الناس وثقافتهم وقيمهم ومبادئهم، لقد نحروا الفضيلة، وانزوى عندهم الحياء، وتاهوا في بحر اللغو، وأنعموا عن مشاهدة البراءة والنقاء، وأصبحت الغاية عندهم تبرر الوسيلة، لقد كثر الساقطون في وحل هؤلاء التافهين، وسيطروا على عقول الناس، واستوطنوا تفكيرهم، واستغلوا وقتهم، وهكذا تمت مكافأة الرداءة والوضاعة بدلاً من الجدية والجودة والمثابرة، أن أكثر ما يؤلم أن تشاهد خصوصية الأسرة تبث على الهواء مباشرة من غرف النوم وغرف المعيشة والمسابح ودورات المياه، والأكثر إيلامًا أن يشترك فيها أفراد العائلة كبيرهم وصغيرهم، ذكرهم وأنثاهم، هكذا بلا حياء ولا خوف من الله ولا وجل ولا تقوى، وبملابس وحركات لا ترقى لذوق الإنسان السوي، ولا للفطرة السليمة، ولا للقوامة والمسؤولية، لقد أصبح المال عند هؤلاء هو المعيار الأساس والأول، وهو الهم والشغل والمراد والمبتغى، أن رويبضات وسائل التواصل الاجتماعي صارت تتوالد وتنمو بكثرة وازدياد، بعيدًا عن العلم والفكر والقيم والأخلاق، لقد أصبح غزوهم أشد من غزو المغول، وفعلهم أشد من فعل الأسلحة الأشد فتكًا، وحربهم على كل ما هو نقي ونظيف شرسة ومتتالية، وأخذوا يضربون بالذوق العام ويدفعونه للحضيض، إن هدفهم الرئيس ومن يقف وراءهم دعمًا وتأييدًا ونشرًا، هو كسر القيم والمعتقد والثقافة والأعراف، وجل الحياة بلا ضوابط ولا حواجز ولا موانع، والدفع بالناس نحو التفاهة والرداءة والطرح السقيم، وذلك عبر التزيين والبهرجة والزخرفة والحركات المموهة والإيحاءات الخادشة للحياء، لقد أخذ هؤلاء الرويبضة المسخ يكبرون، ويأخذون مع الوقت معهم جيلاً بعد جيل، حتى يتم تسطيحهم بشكل جذري وكامل، لقد أصبح العلم والقيم والمبادئ والثوابت في زمن التفاهة أشياء غريبة، هذا هو الواقع المر فعلاً، فماذا نحن فاعلون أمام طاحونة التفاهة والرداءة والسخافة وقتل الحياء؟