«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
استكملت رئاسة الحرمين الشريفين استعداداتها لعقد الندوة الكبرى الأولى من نوعها في المسجد الحرام، تحت عنوان «الفتوى في الحرمين الشريفين»، وأثرها في التيسير على قاصديهما التي تنظمها رئاسة الحرمين بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء الثلاثاء بالتوسعة السعودية الجديدة بالحرم المكي، بعد صدور الموافقة السامية لإقامتها، بحضور مستشار خادم الحرمين الشريفين سمو أمير منطقة مكة المكرمة، بهدف تأصيل الفتوى في الحرمين وفق المنهج الوسطي المعتدل، إلى جانب السعي لإرساء أسس قويمة للفتوى، بما يسهم في التيسير على القاصدين.
وأكد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس المشرف العام على الندوة أن الجهود المبذولة بين الرئاسة، والرئاسة العامة للبحوث العلمية تمثل أهم عوامل نجاح وتميز الندوة، باعتبارها المرجعية المعتمدة في تحقيق المنهج الصحيح للفتوى خصوصاً في الحرمين.
وقدم الشيخ السديس الشكر والتقدير للقيادة الرشيدة لموافقتها السامية لعقد الندوة، مؤكداً أن القيادة الحكيمة تسعى جاهدة لنشر رسالة الدين الإسلامي وفق منهج الوسطية والاعتدال، وفي إطار ضوابطه الشرعية التي تنبذ التطرف والغلو في الدين.
كما أشار إلى عناية الدولة بالحرمين منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وعنايتها بمجال العلوم الشرعية والفتوى والإمامة والخطابة والتدريس. وأعلن الشيخ عبد الرحمن السديس أن الندوة ستتمخض عن إصدار وثيقة للفتوى في الحرمين، مشيراً إلى أن العلم الشرعي ارتبط على مر العصور الإسلامية بالحرمين.
وأكد الشيخ السديس أن مخرجات الندوة سيكون لها تأثير كبير على مكانة الفتوى في العالم الإسلامي. وسيصدر عنها وثيقة من 20 بنداً ستحدد المؤهلين للفتوى، ويقضى على الفتاوى الشاذة التي لا تستند إلى أصل من كتاب الله وسنة رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وستتضمن مخرجات الندوة إنشاء مراكز معلومات وأكاديميات تعنى بجمع الفتاوى لعمل موسوعة وتحويلها رقمياً.
وتجيء أهمية انعقاد الندوة كونها الأولى عن الإفتاء في الحرمين ومن مهبط الوحي تجسيداً لمكانة الحرمين وقاصديهما، خصوصاً أن للفتوى دوراً مهماً في إيضاح العلوم الشرعية والدينية. وتهدف الندوة لإبراز المنهج المتميز في الفتوى في المملكة عامة والحرمين خاصة.. وقال الشيخ: « إن الفتوى يجب أن تراعي تغير الزمان والمكان وفق ضوابط معروفة ذكرها أهل العلم بتغير الظروف والزمان والمكان والأشخاص وغيرها لنفع المسلمين وفق الكتاب والسنة.
وأضاف الشيخ السديس أن رؤية الندوة هي تحقيق الريادة في اعتماد الأساليب العلمية في الفتوى وتقويم واقعها واستشراف مستقبلها، وتوضيح أهميتها ومكانتها السامية في المملكة.
من جهة أخرى أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، أن مشاركة سماحة المفتي العام للمملكة سماحة الشيخ الدكتور عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ، وأصحاب المعالي والفضيلة من هيئة كبار العلماء في الندوة تؤكد عناية المملكة وعلمائها بمنهج الوسطية والاعتدال وتأطير أساليبها، وتفعيل دورها في التيسير على قاصدي الحرمين الشريفين وفق الشريعة الإسلامية السمحاء، مشدداً على أهمية دور الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في تحقيق منهج الوسطية والاعتدال، مشيداً بجهودها الكبيرة في خدمة الإسلام والمسلمين.
وشدد الشيخ السديس أيضاً على أهمية رسالة الحرمين في بيان المنهج الصحيح في الفتوى، مؤكداً أن من ضمن مخرجات الندوة إنشاء أكاديمية للفتوى في الحرمين؛ لتعزيز دور الفتوى ومكانتها ومنزلتها في نفوس العالمين ونشر المنهج الوسطي المعتدل للمسلمين أجمع.
وتسعى الرئاسة بالتعاون مع الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء إلى تنفيذ عدد من البرامج العلمية التي تقام حول الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرهما في التيسير على قاصديه، واعتماد الأساليب العلمية وتقويم واقعها واستشراف مستقبلها. ومن أهداف الندوة إبراز التطوير للبرامج في الحرمين الشريفين، وتأكيد ارتباط الفتوى للهيئة المعتبرة في الإفتاء وهي اللجنة الدائمة للإفتاء.
وستتضمن وثيقة الحرمين الشريفين التي ستصدر عن الندوة 20 بنداً ومادة لتأكيد دور المملكة في مجال الفتوى ومنزلتها، والتزام المملكة بالوسطية والاعتدال والعناية بمقاصد الشريعة، وان الفتوى تعنى بحفظ النفس والمال والدماء المعصومة والحفاظ على الصحة والسلامة لقاصدي الحرمين الشريفين وللعالمين أجمع.. وستؤكد الندوة على أهمية دور المرأة وتمكينها في العمل بالحرمين الشريفين.
ومن الجوانب المهمة التي تناقشها الندوة موضوع الفتوى في عصر التقانة، وضرورة استثمار الوسائل المعاصرة لنشر رسالة الحرمين الشريفين ونشر الفتوى الصحيحة، إلى جانب إعداد مقاطع مرئية مترجمة توضح الأحكام المتعلقة بالحج والعمرة.. وتعتبر الندوة نوعاً من الحراك العلمي والإنجاز المبهر الذي تدعمه القيادة، بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء وهي مرجعية عظيمة للفتوى، خصوصاً أن هذه الندوة تُقام لأول مرة في تاريخ الرئاسة.
كما تسعى الندوة لتنفيذ عدد من البرامج العلمية في مجالها تمثل ثلاثة محاور رئيسة: الفتوى، ثم الفتوى في الحرمين الشريفين، والمحور الثالث الأثر في التيسير على قاصدي الحرمين، فضلاً عن تحقيق الريادة في اعتماد الأساليب العلمية وإبراز المنهج المتميز للفتوى في المملكة واتباع المنهج النبوي الشريف في تيسير الفتوى، وأهمية الأخذ بالمنهج الصحيح في إظهار الفتوى وبيان أثر الحرمين في الفتوى وإيضاح الدور الريادي للحرمين والمملكة في مجال الفتوى وإبراز عناية القيادة منذ تأسيس هذه البلاد والنقلة النوعية في الفتوى من (الكرسي التقليدي إلى الريبوتات والمنصات الإلكترونية).
في المقابل أكد مساعد الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام بالإنابة وكيل الرئيس العام للشؤونA التنفيذية محمد بن الجابري في تصريحات لـ «الجزيرة» على جاهزية الخدمات الميدانية بالتوسعة السعودية الثالثة، حيث وفرت الوكالة كافة خدمات سقيا ماء زمزم، مع استمرار عمليات تعقيم وتطهير مستمرة للحقائب والحافظات المخصصة للتوزيع وفق أعلى المعايير الصحية، إضافة إلى كافة خدمات التنظيف والتطهير والتعقيم بأحدث الوسائل والآليات الحديثة والعديد من الخدمات النوعية.
من جهته قال مستشار الرئيس العام وكيل الحوكمة والشؤون القانونية والتطويرية الدكتور عبد الوهاب الرسيني في تصريحات للجزيرةً إن الرئاسة العامة تقوم بدورها في تعظيم الفتوى، مؤكداً على أهمية محاور الندوة وتطوير الجانب الديني والعلمي الشرعي.
وأضاف الدكتور الرسيني أن الندوة تتضمن عدة جلسات علمية وفكرية إلى جانب تنظيم معرض افتراضي، مشيراً إلى أن الندوة تهدف لإيضاح الدور الريادي للحرمين في نشر العلوم الشرعية، وبيان أثرهما في الفتوى وتعظيم الفتوى في العصر الرقمي، وأثر التقنية في تعزيزها.
من جهة أخرى تقيم الرئاسة ممثلة في وكالة شؤون المعارض بالتعاون مع وكالة الشؤون التوجيهية معرضاً افتراضياً هو الأكبر من نوعه في الحرم المكي يتضمن مسيرة الإفتاء بداية بكرسي الإفتاء قديماً واستخدامات الهاتف والكاونتر إلى الوصول إلى الربوتوت التوجيهي.
وقال وكيل الرئيس للمعارض المهندس ماهر الزهراني للجزيرة إن المعرض سيتضمن أيضاً إبراز جهود الرئاسة في الفتوى إلى جانب عرض كتب وإصدارات الرئاسة عن الفتوى، وركن خاص للمرأة والمسائل الشرعية.
وسيحكي المعرض عن كسوة الكعبة المشرفة المقام في التوسعة السعودية الثالثة بالمسجد الحرام.. وسيستمر المعرض لمدة ثلاثة أيام. وأضاف الزهراني أن الهدف من إقامة المعرض هو توضيح مسيرة الفتوى من الكرسي حتى الفتوى الذكية.
كما قامت اللجنة التنفيذية للندوة بتفقد أعمال تجهيزات مكان إقامة الندوة في التوسعة السعودية الثالثة بحضور الدكتور عبد الوهاب الرسيني والمشرف العام على مكتب الرئيس العام بدر آل الشيخ، وعدد من أعضاء اللجنة، والاطلاع على مجريات الأعمال التقنية، والتنظيمية، وما تحتاجه من دعم وتمكين. ووجهت الرئاسة الدعوة لرؤساء الجامعات ووكلائهم ورؤساء الأقسام وأعضاء هيئة التدريس، وأئمة الحرمين الشريفين، ومؤذني الحرمين الشريفين ووكلاء الرئيس العام والوكلاء المساعدين بالرئاسة، ووكالة الرئاسة بالمسجد النبوي، وأصحاب الفضيلة المدرسين في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ومدرسي معهد الحرم المكي الشريف ومعهد المسجد النبوي، وأعضاء هيئة تدريس كلية الحرم المكي الشريف وكلية المسجد النبوي.
من جهته قال وكيل الرئيس العام للمعارض والمتاحف المهندس ماهر الزهراني للجزيرة إن الرئاسة ستنظم معرضا بالتزامن مع انعقاد الندوة بالإضافة إلى معرض افتراضي يهدف إلى إبراز الجهود في الحرمين الشريفين، موضحاً أن المعرض يتضمن ركن إجابة السائلين، ويستعرض فيه مراحل الإجابة على السائلين من الطريقة القديمة إلى الريبوت، ركن المكتبات، ركن التطويف، ركن الهيئة، ركن المرأة في إبراز دور المرأة في التوجيه، ركن المخطوطات، ركن الترجمة واللغات، الركن الرقمي، ركن الأمن الفكري، ركن الكعبة المشرفة، ركن الريبواتا، الركن المصور. كما أعدت رئاسة الحرمين برنامجاً متكاملاً لاستضافة أصحاب الفضيلة والعلماء والمشاركين في ندوة الفتوى في الحرمين وأثرها في التيسير على القاصدين في التوسعة السعودية الثالثة بالمسجد الحرام.
وقال وكيل الرئيس للعلاقات العامة عادل الاحمدي للجزيرة إن الرئاسة أكملت استعدادها لجميع الترتيبات اللوجستية وموقع المناسبة بشكل يتناسب بقدسية المكان وتعظيم شعار الندوة.. وأضاف الأحمدي انه بمقتضى توجيهات الرئيس العام الشيخ عبد الرحمن السديس فإن كل الوكالات المعنية بينها تنسيق وتناغم كامل مع اللجنة التي شكلها الشيخ عبد الرحمن السديس برئاسته ولإعداد وتنظيم الندوة، وتسخير كل جهودها لإنجاحها والتحضير الاستباقي لها وضمان مخرجات إيجابية تخدم الحرمين الشريفين وقاصديهما.
وأعدت رئاسة الحرمين برنامجاً متكاملاً لاستضافة أصحاب الفضيلة والعلماء والمشاركين في ندوة الفتوى في الحرمين وأثرها في التيسير على القاصدين في التوسعة السعودية الثالثة بالمسجد الحرام.