إيمان حمود الشمري
من أبرز المواقف المؤثِّرة التي ذكرها الدكتور غازي القصيبي في كتابه (حياة في الإدارة) أثناء فترة تقلّده منصب وزير حين زاره بمكتبه رجل أعمال معروف من الشرقية ودعاه لتحديد مأدبة على شرفه، فرد عليه الدكتور غازي: كنت تعرفني منذ أن كنت مدرساً مساعداً بالجامعة لماذا لم تدعني وقتها؟ فأجاب بكل صراحة: هذه الدعوة ليست لك! إنها لهذا الكرسي الذي تجلس عليه، فرد عليه: تقديراً لصراحتك سأقبل هذه الدعوة، وأشار إلى الكرسي خذ ضيف الشرف معك وأطعمه متى شئت!
لفت نظري تسمية الجائزة (بالكرسي) وانطلقت بكتابة هذا المقال لتسليط الضوء على الكراسي الحقيقية التي تمنح صاحبها قيمة معنوية، وتدعم أبطالاً مجهولين يقفون خلف المشهد الحقيقي.
تُعدُّ الكراسي العلمية في الجامعات الحديثة من أهم الوسائل الفعَّالة في استقطاب الباحثين في مختلف المجالات، لذا في عام 2013 تبنت جامعة اليمامة تأسيس كرسي للدراسات الثقافية والتنموية باسم الدكتور غازي القصيبي وهدفت من إنشائه إلى إحداث حراك ونشاط ثقافي وتنموي على المجال الوطني والإقليمي، واتسعت مجالات الكرسي لتشمل جائزة يتم تقديمها كل سنتين لتطوير الأنشطة الثقافية وخلق بيئة تنافسية والتماشي مع دور المملكة في تحفيز الإبداع والمبدعين فيما يخص أنشطة الكرسي، وتم تعيين هيئة إشرافية يرأسها الدكتور عبدالواحد بن خالد الحميد، وتشكيل لجنة دائمة للجائزة لتقييم الأعمال المتقدمة في ثلاثة مجالات وهي: الأدب، التنمية، التطوع، هدفها خلق حوافز وبيئة خصبة للتنافس، ويتكفَّل بقيمة الجوائز التي تقدَّر بمائة ألف ريال لكل فائز، الأستاذ خالد بن محمد الخضير رئيس مجلس أمناء جامعة اليمامة وعضو الهيئة الإشرافية للكرسي الذي دعمه ولا يزال يدعمه مادياً ومعنوياً منذ إنشائه في جامعة اليمامة.
في حفل بهيج في جامعة اليمامة تم الاحتفال وتكريم ثلاثة فائزين بثلاثة مسارات انطبقت عليهم شروط ومعايير الجائزة فتقاسموا شرف نيلها، فنال في الأدب مسار السيرة الذاتية الدكتور حمزة المزيني، وفي التنمية مسار إدارة الأزمات فاز بالمناصفة (الأمن العام - وتطبيق توكلنا)، وفازت جمعية غوث في مسار المبادرات والأعمال التطوعية. جوائز تعطي الإنسان قيمته بأنه أكثر قيمة وأهمية من التكنولوجيا والذكاء الصناعي الذي لا يزال عاجزاً عن كتابة قصيدة!
أسدل الستار عن النسخة الأولى لكرسي الدكتور غازي ولكن مسار الإبداع لن يتوقف وإنما سيكون على موعد مع التكريم بعد عامين في مسابقة تصنع فارقاً في مفهوم النجاح والتميز وتستهدف النخبة، التي تشرف الوطن بإنجازاتها.