عثمان بن حمد أباالخيل
مركز الحزن في جسم الإنسان أهو في القلب أم في المخ، ومن يتحكم بمشاعرنا والتي منها الخوف والغضب والمتعة والحزن، القلب وظيفته محددة بضخ الدم للجسم كله، ولكن المخ هو الذي يحتوي على مراكز الإحساس المختلفة وعلى هذا العواطف تنبع من المخ وليس القلب. إن الشعور بالحزن من وقت لآخر يعدّ أمرًا طبيعيًّا وجزءًا لا يتجزأ من الإنسانية، لذلك فإن شعور الحزن يتبدد غالبًا بمرور الوقت بحيث يستطيع الإنسان المضي قدمًا في حياته لكن هذا الشعور لا يفارق الإنسان فهو يعود إليه كلما مر بمواقف متشابهة. تختلف درجة الحزن باختلاف السبب وباختلاف طبيعة الإنسان وقابليته للغرق في نوبات الحزن، ولكنه يتحول إلى درجة أكبر عندما يكون السبب خلفه فعل كبير ويكون الحزن شديدًا. لغتنا العربية أجادت وأبدعت في مسميات الحزن والتي منها الكمد، البثّ، البثّ، الكرب، الوجوم، الأسف، المَأَقُ، وردت كلمة (حزن) وصيغها في القرآن الكريم (42) مرة.
(حين يغمرك الحزن تأمل قلبك من جديد، فسترى أنك في الحقيقة تبكي مما كان يومًا مصدر بهجتك.) جبران خليل جبران. يعد الحزن من المشاعر الستة الأساسية التي أقرّها العالم النفساني بول إيكمان ألف «أطلس المشاعر» الذي احتوى على أكثر من عشرة آلاف تعبير للوجه وعلاقتها بما يفكر ويحس به الإنسان وهي: السعادة والحزن والغضب والدهشة والخوف والاشمئزاز. شخصيًّا هناك الكثير من الأيادي التي تصافحني ولكن لا أعلم ماذا في القلوب، وهناك الكثير من نظرات العيون التي لا أعرف ما تخفي وراءها، وهناك العشرات من لغة الجسد التي أحتاج إلى ترجمتها. عندي يقين لا أحد يستطيع أن يفلت من الحزن والذي يأتي من التعرض للغدر والخيانة وسوء النية والركض وراء الأوهام والاستماع إلى لسن هدفها التناحر والتباعد من الأصدقاء والأقارب وكل من له في القلب معزّة. في داخلي حُزِنْ أستغرب من البعض الذين يضحكون ويمزحون وهم في حالة حزن، أهو التحكم بالمشاعر أم تبلدها؟. (لم أتمنَّ الانتصار على أحد، تعلمت منذ زمن طويل أن الانتصار الحقيقي ألا نؤذي مشاعر من نحب). اجاثا كريستي
لماذا نخفي أحزاننا في دواخلنا؟ سؤال لطالما لم أجد له إجابة مقنعة، لما لا نسُر بأحزاننا لمن يشعرون بنا، لمن يقاسموننا الحزن، وهل هناك من يقوم بذلك في عصر الأنا، نعم إنها الأم إنه الأب. أحياناً يجد الإنسان نفسه حزينًا مع أنه في حالة توازن عاطفي, أهو الحزن المحفور في الذاكرة؟ أم هو حزن من واقعه الذي يعجز عن تغييره؟. كفانا الله وإياكم من الحزن ومن أضراره على أنفسنا وأجسامنا وتصرفاتنا فهو يسبب ضعف الجهاز المناعي وعلى أعضاء أجسامنا وفقدان الشهية وزيادة التوتر وعلى حرارة الجسم.
همسة (لست حزينًا أمام الآخرين لكن في داخلي حزن قديم).