د. فاطمة سحاب الرشيدي
ليس من الجديد أن نرى الحزن في صالات المغادرة والفرح في صالات الاستقبال، هذا كإطار عام للمطار لكن هناك مسافرون يعيشون مشاعر استثنائية ولا يشعر بهم الآخرون سوى من لديه نفس الشعور أو من يستطيع استنطاقه من وجوههم.
هناك من يرسم الابتسامة على وجهه بإتقان فقط ليسعد من سيفارقه ويخفف ألم الوداع عنه. (عطاء وصدق)
وهناك من يتصنع الفرح لمن يستقبله فقط ليحقق نفس الهدف السابق وهو في الحقيقة يحمل آلاماً عظيمة ربما بسبب هذا اللقاء أو بسبب من تركهم خلفه وودعهم.
وهناك من يخطو في المطار وحيدا في الذهاب والعودة فليس ثمة من يودع ولا من يستقبل فتراه يغض الطرف عمن حوله لعله بذلك يستطيع الهروب من شعور الوحدة رغم الازدحام.
في صالات المطار ترى الجميع وبالرغم من انشغالهم والضوضاء حولهم إلا أنهم يستطيعون التقاط نداء رحلاتهم من بين جميع النداءات، ويحملون أمتعتهم مسرعين لبوابة صعود الطائرة خشية فواتها.. فجال بخاطري موضوع الاهتمام أوالتقصير بحق من نحب؛ فليست مشاغل الحياة عذرا يمنعنا من التقاط أصوات حنينهم واحتياجهم وإلا سيفوت الأوان ومعه سيختفون محملين بمقاعد شاغرة ممن يحبونهم بسبب (تجاهل صوت النداء).
في صالات المطار عقول وقلوب تحلق مع الطائرات بل وفي فضاءات أعلى منها تفكر في ما ستحققه في رحلاتها فلابد من هدف لكل رحلة ولكن.. المسافر يجب أن يخطط جيدا لها من حيث (الناقل) فلا يكون رديئا فيتعرض للسقوط لا قدر الله والنهاية.
وكذلك الهدف فلا يكون كاذباً أو سراباً فيعود من رحلته وقد أشقى وأزعج البلد المستضيف برحلة فارغة المعنى والمحتوى.
لذلك ترى على بعض القادمين ابتسامة رضا رغم وعثاء السفر وعلى بعضهم الآخر الغضب والتعب وعدم الارتياح.
وأخيراً..
في صالة المطار تؤكد لك كل زاوية فيه وكل ردة فعل لإنسان يمشي فوق أرضه أنها تحتوي على مختصر لهذه الحياة (قدوم ومغادرة) وبينهما خارطة طريق نحن نرسمها وتختتم الرحلات بعدالة الله التي تغلب ظلم الإنسان لنفسه وللآخرين.