لبس الخفاف والكنادر والشراب للمحرم
* ما حكم لبس الخفاف والكنادر للمحرم؟ وهل يكون لبسها بدون الشراب أي الجورب؟
- الأصل أن المُحرِم لا يلبس الخفين، والمراد بالخف ما يغطي الكعبين، وما دون ذلك يسمى نعلًا، فيجوز لبسهما أي: اللذيْن لا يغطيان الكعبين، فإذا لم يجد نعلين، والحكم في ذلك حكم الجوربين إذا كانا لا يغطيان الكعبين، فهما مثل الخف الذي لا يغطيهما، وإذا كانا يغطيان الكعبين فلا يجوز لبسهما كالخفين؛ لأن المُحرم ممنوع من لبس الخفين، وجاء في الحديث الصحيح "ولا يلبس الخفين إلا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين"[يُنظر: البخاري:134/ ومسلم:1177]، وهذا قاله النبي - عليه الصلاة والسلام - بالمدينة، وفي الموقف - عرفات - ذكر أن المحرم لا يلبس الخفين إلا ألَّا يجد النعلين ولم يذكر القطع [البخاري:1841]، ولذا اختلف أهل العلم هل يَقطع الخفين أسفل من الكعبين أولا - وكل هذا مربوط بالحاجة عند عدم النعلين -، فمَن قال: يَقطع اعتمادًا على النص الأول وفيه القيْد، ويُحمل المطلق في الموقف على المقيَّد الذي قاله بالمدينة - عليه الصلاة والسلام - فيجب قطع الخفين، وكثير من أهل العلم يرون أنه لا حاجة إلى القطع؛ لأن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال في الموقف: "فمَن لم يجد النعلين فليلبس الخفين" ولم يذكر قطعًا، فالذين قالوا بالقطع، قالوا: يُحمل المطلق على المقيَّد، ويكفي البيان في موضع، وقد بيَّن - عليه الصلاة والسلام -، فقال: "وليقطعهما أسفل من الكعبين"، والذين قالوا: لا يحتاج إلى قطع، قالوا: الموقف حضره جمع غفير ممن لم يحضر في البيان الأول في المدينة قبل أن يخرج، وهؤلاء يحتاجون إلى بيان، وتأخيرُ البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وهذا وقت حاجة، حيث حضر الموقف من لم يحضر، وهؤلاء يحتاجون إلى بيان، فلو كان لازمًا لبيَّنه، فرأوا أن هذا من باب النسخ لا من باب التقييد، ولكلٍّ وجه، وأيَّد مَن لم يقل بالقطع مذهبَهم بالنهي عن إضاعة المال وإتلافه، وقطعُ الخف لاشك أن فيه نوعَ إتلاف، ولاشك أن القولين كلاهما تبنَّاه من أهل العلم من تبرأ الذمة بتقليده، لكن كأن النفس تميل إلى عدم القطع؛ لأنه هو الآخر من كلامه - عليه الصلاة والسلام -، وفي الموقف جموع غفيرة لم تَسمع الكلام الأول، وعلى هذا فهو الراجح - إن شاء الله تعالى -.
فالخلاصة أن الأصل لبس النعلين، فإن لم يجد النعلين يلبس الخفين.
***
مدُّ المحرم يدَه لمن يُطيِّبه ذاهلاً عن الإحرام
* كنتُ محرمًا بالحج وبعد أداء طواف القدوم فاجأني أحد المصلين بعد الصلاة ومدَّ إلي الطيب؛ ليُطيِّبني، ومع السرعة وعدم الانتباه مددتُ يدي وطيبني، ولم أنتبه إلا بعد أن طيبني، فأخرجتُ منديلًا ومسحتُ الطيب، فهل علي في ذلك شيء؟
- مثل هذا ليس عليه شيء، ولم يقصد الطيب، وبادَرَ بمسحه لمَّا ذكر، وهو ناسٍ للإحرام، ومدَّ يده مع الذهول وسرعة التصرف، هذا ليس عليه شيء، ولاسيما إذا بادر بمسحه وانتهى وجوده، وإلا فيلزمه غسل ما بقي.
***
شراء إحرام جديد وعقد الإحرام من جديد لأجل انسكاب الطيب على لباس الإحرام
* أحرمتُ وركبتُ السيارة في الميقات، وجاء رفاقي الذين لم يُحرموا بعد وأخذوا يتطيبون فانسكبتْ قارورة العطر، ووقع شيء منها على إزاري، فقالوا لي: (لابد من تغيير الإحرام)، فاشتريتُ غيره، ونويتُ الإحرام من جديد، فهل كلامهم صحيح؟ وهل تصرفي أيضاً أنا صحيح؟
- إذا وقع الطيب على الإحرام وجبتْ إزالته كما أمر النبي - عليه الصلاة والسلام - صاحب الجبة أن يغسلها [البخاري: 1536]، فإذا زال بالغسل بها ونعمتْ، وكونك اشتريتَ غيره لا شك أن هذا كافٍ لكن لا يلزمك أن تشتري غيره، وإنما يكفي أن تغسل هذا الطيب فإذا زال كفى.
أما كونه أحرم من جديد فهو محرم من قبل، وهذا لا ينقض الإحرام، أما لباس الإحرام فإن احتاج إلى تغييره حتى لو فيما بعد بأن اتسخ أو انسكب عليه شيء من غير المحظورات وأراد أن يغيره فلا بأس.
** **
يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقاً.