عبد الله سليمان الطليان
في هذا الجزء الأخير من كتاب (مت فارغًا) سوف نشير إلى مقتطفات مقتضبة مختارة.
(إسهامك)
من حيث المبدأ يجب أن يعكس الهيكل الإجمالي لعملك ما هو مهم بالنسبة إليك.
كم تمضي من الوقت في يومك للاضطلاع بعمل تفتخر به لاحقاً؟ في خطابه الاستهلالي بجامعة ستانفورد لدفعة عام 2005, كان ستيف جوبز يحفز الخريجين بهذا الخطاب (في كل صباح كنت أنظر في المرآة وأسال نفسي: (إذا كان اليوم هو آخر يوم في حياتي، هل كنت لأفعل ما أنا على وشك فعله اليوم؟) وحيثما كانت الإجابة (لا) لأيام عدة على التوالي، اعلم حينها أنني في حاجة إلى تغيير شيء ما).
إن الانخراط في عمل ممتع جدًا لا يتطلب منك الانعزال عن الحياة وأن تحزم أمتعتك ثم تذهب إلى رحلة، الأمر يتطلب منك ببساطة جهودًا مستمرة ومركزة لاستغلال فطرتك ومهارتك لتحقق تقدم ملموس في أهدافك. إن العمل اللامع يتشكل ممن يتعاملون باستمرار مع يومهم بشعور بالدافع والاجتهاد. ويعني الدافع الاستفادة من مواردك (تركيزك وممتلكاتك ووقتك وطاقتك) بطريقة مثمرة وذات مغزى.
(الحياة العادية المغرية)
إن الحياة العادية لا تحدث فجأة، لكنها تتطور ببطء مع مرور الوقت.
يبدأ الناس في تجربة الخمود الذي توفره الحياة العادية، حيث لا يتساءلون إن كانوا في الوظيفة الصحيحة أم لا، ويفكرون إن كانت هناك وظيفة أنسب لهم وتلائمهم أكثر، وقد يوفر لهم الحافز الذي اختبروه يومًا ما قبل أن تسوء الأمور، بل ربما يتصرفون بناءً على هذا الدافع آملين في الحصول على وظيفة أو شركة أخرى، وبالتالي يجدون أن كل شيء أفضل لمدة قصيرة، ويعود الشعور بالتجدد ويرجع الحنين إلى نوع التحديات. فهل حلت المشكلة؟ لا في الواقع الأمر. ففي الكثير من هذه المواقف تعود طبيعة التنقل بين وظيفة وأخرى في غضون أشهر، وليس هناك خطأ في وظيفتهم الجديدة، ولكن الأمر يتعلق بأنهم غيروا من مواقفهم الخارجية دون تغيير عقليتهم ووسائلهم: يحاولون حل مشاكلهم بتغيير ظروفهم الخارجية، وهذا نادراً ما يكون مجدياً. (عليك أن تبدأ بترتيب نفسك داخليًا وبعدها تسأل عن بيئة عملك).
(تحل بالفضول الشديد)
لمنع الملل من يبلد إحاسيسك عليك التعاطي مع عملك بعقلية فضولية
أن جميع المآثر العظيمة والإنجازات الرائعة بغض النظر عن طبيعتها، بدأ بسؤال: لماذا؟ وكيف؟ ماذا لو؟ عن هذا السؤال أدت إلى سؤال آخر، والذي يستدعي في حد ذاته سؤالاً ثالثًا، وهكذا دواليك، يتطلب السعي وراء عمل عظيم ودائم بالسعي وراء الإجابات عن سلسلة من الأسئلة التي لا تنتهي.
(اخرج من منطقة راحتك)
لا تسمح لخمود الراحة أن يجعلك محصوراً في مكان الرضا عن النفس والإسهام بشكل متدنٍ، ضع هدف توسيع في المجالات الرئيسية الأربعة (العمل التجاري/ العمل - الذهن - العلاقات - المستوى الشخصي/ الروحي) ثم حدد أهداف الركض السريع وأهداف الخطوة التي يمكن أن تساعدك على إتمام خطتك طويلة المدى.
(اعرف نفسك)
الق نظرة على جدول أعمالك وفكّر كيف ستطبق قواعد السلوك وأنت تعمل على مهامك ولقاءاتك وعلاقاتك، اصنع قائمة مراقبتك (أو راجعها) والتي تتضمن قناعات تؤثر في قدرتك على تكريس نفسك بالكامل لعملك أو تؤثر سلبًا في عملك. ولتتذكرها على الدوام.
(تأقلم بثقة)
الثقة والتأقلم يمنعان حب الأنا المتضخم من عرقلة تقدم أهم أعمالك، هناك خيط رفيع يفصل بين الثقة بالنفس والأنا، ومن الصعب عادة أن تدرك الفارق من دون مساعدة الآخرين. فلتسأل شخصًا ما تثق به أن يساعدك على رؤية أحداث في حياتك تبدو فيها كأنك تسعى إلى السيطرة بدلاً من التأثير.
حدد وقتًا منتظمًا تتواصل فيه، كن في غاية الأمانة، صحح بانتظام، ناقش بدقة وبشفافية.
تكتفي بهذه المقتطفات من الكتاب، ونقول في الأخير أن ديننا الحنيف سبق هذا الكاتب قبل 1400 سنة في التذكير بأهمية أن يترك الإنسان أثرًا بعد وفاته وهذا ما ورد في حديث رسول الله، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم، وكذلك التذكير بأهمية العمل والتشجيع عليه حتى وإن قربت القيامة، وذلك في قول رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ قَامَتِ السَّاعَةُ وَفي يَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا تَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَغْرِسْهَا).