إن لغة المثقفين الآن باتت بين بين! بين أن ترشف من برجها العاجي، وبين أن تهبط لأدنى درجات الشعوبية هذا من ناحية، الشيء الآخر هو حكاية قرأتُ بعض تفاصيلها في إضمارة الأدب، هذه الحكاية تحكي الصراع بين شاعرين معروفين ضاربين في الشِعْر وهما أحمد شوقي أمير الشعراء وحافظ إبراهيم الذي يتحسّس إبداعه بين الناس، وهنا وجهة التقاط طرف الحَبْل من هذه المقارنة بين شوقي كأمير في بلاط الرؤساء وبين حافظٍ يتلمّس هموم الناس بين البقّال والخبّاز والحداد والنجار وهكذا، التقارب والافتراق هنا بين طبيعة الموضوعات التي يتطرّق لها الشاعران من حيث الموضوعات والأغراض تصل ربما من وجهة نظري إلى اختيار الأوزان والقوافي بين خفيفة سهلة تجري على ألسنة العامة وبين قوية ضخمة لا يفهمها سوى النخبة.
إذْ عرف حافظ إبراهيم أن طريق إبداعه أن يكتب من وإلى الناس بينما شوقي اختار الإمارة وكلاهما مبدعان بلا شك لكن الفرق واضح!
إذاً في عصر «2022» بقيت اللغة واختلفت الطريقة، بل لنكون أكثر منطقية ووضوح، نضجت اللغة إلى حدٍ تنازلها عن الكثير من قواعدها، وغازلت اللهجة الشعبية فصادقتها وأصبحتا تقريباً توأمتين، إلا المثقف بقي حائراً لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء مذبذب بين هذا وذاك!
إننا في عصرٍ انقلبت موازينه وبات الشيخ قوقل محرّكاً للبحث عن اللغة واللهجة معاً جنباً إلى جنب، ولعمري بقية مواقع التواصل الاجتماعي تسير إلى لهجنة اللغة بالمشي مع العامة لتعبير عن أحوال الناس وظروفهم غير أن بعض المثقفين محلّك سِرْ للأسف ميّعوا اللغة لدرجة غير مقبولة أو انحدروا في الشعبية لأجل التغيير.
فالشاعر مثلاً يأخذ مثل شعبي يطرزه بقصيدته هذا حسن وإن زاد عن ذلك سقط، القاص يحاول فصحنة ما تقوله الشخصيات فتضيع متعتها بالهجتها أو الإكثار من اللهجة المحكية لدرجة الإغراق بدل أن تكون قصة تصبح حكاية حكواتي وهكذا في بقية الفنون وصنوف الثقافة.
سطر وفاصلة
أرْسى القلب وجعاً فتناثر الورد عطشى، حلمي غدا في بئرٍ تدلّى بالندى لا عادت الذكريات تسعدني، ولا عاد حاضري من الأيام حبلى
يا ورد يا عطر أمي يا شتاتاً يالملمة فرحي بين مقصلة ذاتي
يا حمام السلام حطّ رَحْلك هنا
وخذ رسالة وهي نائمة وفي جناحيك آهاتي
قل: أنتَ حبيبي واغزلْ من الحرف آساتي.
** **
- علي الزهراني (السعلي)