كثيرًا من الألفاظ الدارجة على ألسنة الناس في عصرنا الحاضر عربية صحيحة رغم أنّ كثيرين يظنون أنها عاميّة؛ لشيوعها على ألسنة العامة وليست كذلك؛ فقد أكدت المعاجم اللغويّة عربيّتها، ولا أستطيع حصر تلك الألفاظ التي تشيع على ألسنة العامة، لأنها تتعدّى الحصر لكثرتها واختلاف نطقها من لهجة لأخرى، لكن ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه، ومن تلك الألفاظ على سبيل المثال: الهياط والشيل والخبص والقبص ..الخ. فهذه الألفاظ تمثّل مستوىً من مستويات اللغة قد لا يكون الأفصح ولكنه عربيّ صحيح.
فالهياط وما تصرّف من أصله في لسان العرب: الضجيج ورفع الصوت والسير لغير هدف ثمّ تطوّر دلاليًّا وتُوُسّع في معناه فصار بمعنى الكذب والتبذير والإسراف والتصرّف غير اللائق؛ فنسمع بعضهم يقول: فلان يهايط.. وكلام فلان هياط ونحو ذلك فهذا اللفظ عربيّ صحيح.
والشيل معناه في المعاجم الرفع يقال: شال الرجل الكيس أي رفعه ويقال: شالت الناقة بذنبها أي رفعته؛ وكم من مرّة سمعنا قولهم: شِل كذا وفلان يشيل كذا. فهذه الكلمة ليست عاميّة.
والخبص وما تصرّف من أصله تداخل الشيء في الشيء كما هو حال ورقة اللعب عند من يلعبونها فنسمع بعضهم يقول: اخبص وفلان يخبص أي يداخل الأوراق بعضها في بعض.. فهذه المفردة عربية صحيحة.
والقبص تناول الشيء بأطراف الأصابع ونسمع من أجدادنا التصاريف المختلفة لجذر الكلمة فيقولون: اقبصه وفلان يقبص، ونحو ذلك من الألفاظ التي يُظنّ أنها عامية وليست كذلك.
وأخيرًا أقول: إنّ عربيّتنا بخير، فليس هناك ما يدعو للتشاؤم. نعم هناك بعض الظواهر الصوتية في نطق بعض هذه الألفاظ كنطق القاف عند العامّة فهو يختلف عن نطقه في العربية الصحيحة لكن الكلمة نفسها تعدّ عربية صحيحة .. وتمثّل أحد المستويات اللغويّة ولا يقلّل من عربيّتها طبيعة مخارج الأصوات عند العامة.
** **
أ.د. عبدالله بن حمد الدايل - قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب - جامعة الملك سعود