علي الصحن
فاز الهلال على الاتحاد بعد مباراة معقدة كانت كل الأصابع فيها تشير إلى فوز انتظره الاتحاديون طويلاً، فاز الهلال على كل شيء النقص والظروف والغيابات وأخطاء الصافرة، وتمسك بأمل أضعف من خيط العنكبوت للحفاظ على لقبه، وأكد للجميع أنه الفريق الكبير القادر على كسر كل القواعد وتجاوز كل العقبات، وأن شمسه لا تغيب وحضوره لا ينقطع وبطولاته تتوج الواحدة الأخرى، في أضعف حالاته ينافس وفي أوسطها ينجز وفي طبيعتها يعرف الجميع أفعاله.
بدا الهلال في أجزاء من المواسم الأربعة الأخيرة من السحر وكأنه سحابة مثقلة بالخيرات أينما حلّت أسقت، وحيثما أسقت أثمرت وصنعت فرحاً وبهجة وصارت حديث الجلاس وأنس الناس، والهلال في النهاية طبعه الذهب، وإن حاول غيره التطبع بذلك وادعاء منافسته، لكن الحقيقة أيضاً أن الفريق يعاني الكثير وبحاجة إل الكثير حتى تكتمل صورته ويتم ألقه ويحافظ على كل مكتسباته.
في يناير 2020 كتبت: «من المتفق عليه أن بطل دوري أبطال آسيا يحتاج لإحلال وإبدال، ومن المتفق عليه أن هناك مراكز تعاني من عدم وجود لاعبين بدلاء على أقل تقدير، ومن المتفق عليه أيضاً أن هناك مراكز تحتاج إلى دعم، لتكون أقوى مما هي عليه الآن، وأن هناك أسماء يجب ألا يكون لها موقع في الفريق!!» كما أشرت إلى أن « الاستمرار على وتيرة واحدة وعطاء مثالي دائم أمر صعب في كل المجالات، كل شيء يمر بدورات مختلفة، يتقدم مرة ويتراجع مرة، ويبقى في منطقة الوسط مرة ثالثة، والذكي من يفطن لأسباب تقدمه فيحافظ عليها، ويتعرَّف على أسباب تراجعه فيعالجها، ويبحث في كل أحواله عمَّا يضمن وجوده في المقدمة».
ما يحدث للهلال هذا الموسم ليس مفاجئاً، وقد تنبه له وحذَّر منه كثيرون، لكن استمرار تحقيق البطولات كان يصنع حاجباً أمام الحقيقة!
الحقيقة التي يحاول البعض الهروب منها أن في الهلال عللاً ومشاكل ومتناقضات لا يمكن قبولها في فريق القارة الأول، وهنا قد يقول قائل:
الهلال حقق هذا الموسم بطولتين وتجاوز الدور الأول لثالثة..
ويُقال له لكنه خسر اثنتين كانتا في متناول اليد، وبقيت أموره صعبة في الثالثة وهي أمور كان يمكن تجاوز أسبابها بشيء من التدبير والتفكير.
الواقع أن هذا الموسم شهد نضوج أخطاء موسمين سبقاه، أخطاء في التعاقدات مع المدربين والتأخر في علاج هذه الأخطاء، وأخطاء في التعاقد مع اللاعبين المحليين والأجانب، أخطاء في الخيارات والأسماء والمراكز، وما من دليل على ذلك إلا المقولة الشهيرة المنسوبة لعمرو بن العاص: «ليس كالحال دليل على صدق المقال».
في غالبية مواجهات الفريق لا تتم الاستفادة من نصف اللاعبين الأجانب، وهي وإن كانت دليلاً على جودة العنصر المحلي، فإن البعض يراها دليلاً على ضعف الأجنبي وعدم جدوى التعاقد معه، بل إن بعضهم قد يكون علة حين يريده الهلاليون علاجاً.
والفريق يعاني من تقلّب المستوى ومزاجية بعض لاعبيه، فالفريق الذي هزم الشباب والأهلي والنصر والاتحاد بالخمسة والأربعة والثلاثة، هو نفسه العاجز عن هز شباك فريق من فرق الوسط لتسعين دقيقة!
والفريق الذي يملك سبعة أجانب ومحليون دوليون لا يملك لاعباً واحداً يجيد تنفيذ الكرات الثابتة أو القدرة على حل التكتلات الدفاعية بكرة من خارج منطقة الخطر!
والإدارة التي تأخرت الموسم الماضي في إبعاد رازفان ثم ميكاللي حتى كاد كل شيء أن يتسرّب من الفريق، هي نفسها التي صبرت على جارديم رغم الاتفاق على سوء ما يقدمه للفريق وعدم قدرته على تحقيق أي إضافة، وجل ما يعانيه الفريق اليوم في الدوري هو من أسباب التأخر في إلغاء عقده الذي يفترض أن يتم بعد الودية الثانية في معسكر الفريق الخارجي!
وفي الفريق الهلالي يبدو أن هناك مشكلة في خيارات اللاعبين المحليين، فمعظم من تم التعاقد معهم لم يحققوا أي إضافة، بل إن بعض منسقي الفريق ومعاريه في الفرق الأخرى ظهروا بصورة أفضل منهم، وهنا يبدو سؤال: من هو صاحب القرار الفني في الفريق، وإلى متى الصبر على أخطائه؟
إدارة الهلال يجب أن تراجع عملها وسياساتها وطريقة إدارة خياراتها وأسلوب تعاملها مع الأحداث من جديد.
الاستمرار على الخطأ مشكلة، والصمت في كل الأحوال ليس من الحكمة في شيء، والهدوء في بعض المواقف ليس مطلباً.
في الإدارة كما في الفيزياء: لكل فعل ردة فعل.... بالطبع يجب أن تكون مساوية في المقدار أو أقوى وفي اتجاه مصالح الفريق فقط.