حسن اليمني
ما دام أن قيمة الشيء في أصله فإن كل ما هو خارج عن الأصل قد يؤذيه في عمقه، ولهذا نجد أننا دون إرادة أو تعمّد نَحِنّ للأمس أمام كل مستجد يلامس صورته وبقاءه في المخيلة.
الزمن الجميل وأيام الطيبين لا تعني أبدا كمالية الجمال والطيبة لا في زمانه ولا إنسانه، ذلك أن رغد الزمان وشُحّه وخير الإنسان وشرّه مديمة فيهما إلى ما شاء الله، وإننا حين نتذكر الماضي بجميل فإنه في حقيقة الأمر شيء من الوفاء والاعتزاز نتذكره حين يلامس المستجد سواء كان جيداً أو سيئاً معدن أصالتنا فنلجأ لاستذكاره واستحضاره كدرع وسلاح إرث نتحزم به ليس معاداة للجديد أو الدخيل وإنما لتسخير هذا المستجد أو الجديد ليكون معينا في حفظ القيمة أو على الأقل لا ينوش قيمة هذا الإرث.
هناك مسميات أتت من الزمن الجميل أو زمن الطيبين، والأجمل أن أنشطة تجارية وخاصة في المجال الغذائي مثل المطاعم صارت تستحضر الماضي بعنونتها وأسمائها مع ترقية الشكل التراثي وأوانيه ووجباته بطريقة تسحب الماضي للحاضر ومزاحمة المستقبل، لا يمكنني طرح أسماء كأمثلة ولكن أدرك جيدًا أن كثيرين لاحظوا ذلك وأحبوه.
في اعتقادي أن حتى أسماء البنات والأولاد، مر علينا زمن أخرجنا من كثير من الأسماء المحرجة إلى أسماء مستحدثة بشكل ما وخاصة للبنات إلا أن الزمن يبدو أنه يتجه لاستعادة أسمائنا الأصيلة شيئا فشيئا وإن كان بشكل بطيء إلا أن المحتمل أن يتسع أكثر، وقد لا أكون من أبعد النجعة أكثر من اللازم إن قلت إن الالتفات إلى الماضي واستيراد كلماته وإعادة إحيائها وبطريقة ما هو أيضا استعادة لقيم الماضي وتجديدها.
وفي وقت ليس بعيدا منعت البلديات الأسماء الأجنبية للمحلات والنشاطات حماية وحفاظا على الإرث والأصل، كما أن إدارة المواليد منعت بعض الأسماء التي ظهرت في فترة ما حتى أن البعض سارع لتعديل اسمه إلى أسماء معروفة ومألوفة، وكل هذا يحسب للمجتمع في الجانب الإيجابي.
الغريب في الأمر أن الأجنبي القادم من ثقافة ولغة وارث مختلف يأتي للعمل أو السياحة وهو يحمل الفضول النهم لاكتشاف إرثنا وثقافتنا ولغتنا كمجتمع أو شعب من أمة عربية إسلامية، بل إن بلادنا وليست مغالاة هي قلب العروبة والإسلام فتجده يتوقع أن يرى العمق الحقيقي لهذه الأمة، من الطبيعي أنه بمعرفة وحفظ أسماء وعناوين عربية أصيلة سيسعد ويفرح وهو يستشعر جمال وقوة كثير من كلماتنا وأسمائنا وعناوين أنشطتنا التي تظهر تميزنا وخاصيتنا بين الآخرين باعتباره ثقافة وهوية مختلفة تثري معرفته وخياله.
أود أن أهمس لإخوتنا في هيئة الترفيه أن إسقاط الأسماء الأجنبية على بعض النشاط الترفيهي قد يفقدها خصيلة التميّز وهي بالاهتمام الذي توليه لها متميّز في مضمونه وجودته ربما، لكن عناوينها مستوردة وربما من بلد الزائر ذاته فلا يجد جديدا، التقليد جيد في الغايات والأهداف حين يكون تحت قيمة أصيلة من الإرث ليظهر مختلفا متميّزا في باكورة عالمية تخرجه كحالة مستقلة بذاتها صاعدة ومنافسة في التجديد والإبداع الذي به تصعد لتكون هي الأولى والأحق بالتميّز.