د.شريف بن محمد الأتربي
تلعب المكتبات ومراكز المعلومات دورا مهما في حياتنا، فهي مورد للمعرفة، ومصدر للعلم، وطريق للتقدم، والرقي. ويظهر دور المكتبات جليا وواضحا في مراحل متعددة من حياتنا خاصة في الوقت الذي يحتاج فيه الفرد إلى معلومة صحيحة ودقيقة لاتخاذ قرار مهم ومفصلي، سواء على صعيد حياته الشخصية أو المهنية. وقد علمنا شيوخنا في مجال المكتبات والمعلومات أن قيمة المعلومة في صحتها وتوافرها في وقت الاحتياج إليها.
والمكتبات المتخصصة، هي نوع من أنواع المكتبات ربما لا يواجهه الأفراد جميعهم ولا يستخدمونه، عكس المكتبات المدرسية والمكتبات الجامعية، وغيرها من أنواع المكتبات.
ويشير مفهوم المكتبة المتخصصة بكونها هي المكتبة التي تهتم باقتناء الإنتاج الفكري في موضوع مُعيّن، أو عدَّة موضوعات، يرتبط بعضُها ببعض، وتقوم بتقديم الخدمات المكتبية لأشخاص يعملون في مؤسَّسة أو جمعية مُعيّنة.
بينما عرفتها موسوعة علم المعلومات والمكتبات بأنها: مجموعة معلومات تغطي مجالا محددا والتي يمكن أن يديرها موظفون متخصصون لخدمة مستفيدين محددين.
وتتواجد هذه النوعية من المكتبات في البنوك، والجمعيات، والشركات والمؤسسات، ودور الصحف، والوزارات، والمُستشفيات، وغيرها من الكيانات التي لا تصنف تحت أنواع أخرى من المكتبات.
وتضم هذه المكتبات نوعيات متعددة من مصادر وأوعية المعلومات مثل: الكُتب بأنواعها، وخاصّة التي تتناول موضوع التخصُّص للمؤسّسة، والمراجع بأنواعها، والمواد السمعيّة والبصريّة، والمُصغّرات الفيلميّة المختلفة، والدوريّات العلميّة والمُتخصِّصة، والنشرات بكافَّة أشكالها ومصادرها، والوثائق المُختلفة في طبيعتها ومصادرها، والبُحوث والرسائل الجامعيّة، والمواصفات وبراءات الاختراع.
وتقدم المكتبات المتخصصة العديد من الخدمات المكتبية مثل: تكشيّف التقارير الداخليّة والمراسلات الفنيّة للمؤسسة، الخدمات المرجعيّة الفوريّة، باستخدام الوسائل المُتاحة، وخدمة إعداد الببليوجرافيات والمُستخلصات والترجمات وبحوث الإنتاج الفكري. ومن أبرز وأهم الخدمات التي تقدمها تلك النوعية من المكتبات، هي خدمة البث الانتقائي للمعلومات (SELECTIVE DISSEMINATION OF INFORMATION).
وتعتمد المكتبات المتخصصة بشكل كبير على التقنيات في تقديم خدماتها للمستفيدين، حيث أتاحت لهم الدخول على قواعد وبنوك المعلومات العالمية، والمشاركة في المؤتمرات العلمية عن بعد، والبحث عبر الفهرس المباشر، وغيرها من الخدمات التي ساعدت المكتبات المتخصصة على تأدية وظيفتها وتقديم خدماتها بشكل فعال للمستفيدين منها.
وتلعب المكتبات المتخصصة دورا مهما داخل المؤسسات التي تتواجد بها؛ فإلى جانب الخدمات المكتبية والمعلوماتية، فمن المفترض أن تشارك المكتبات المتخصصة في عمليتي التأهيل والتدريب لمنسوبي الجهة التابعة لها. وينبغي هنا التفرقة بين كل من مصطلحي البرامج التأهيلية، والبرامج التطويرية (التدريبية)،حيث يشير مصطلح البرامج التأهيلية إلى جميع البرامج العلمية التي تقدم للمستهدفين بهدف الحصول على درجة علمية (بكالوريوس، دبلوم عالٍ، ماجستير، دكتوراه)، أما البرامج التطويرية
(التدريبية) فهي عبارة عن برنامج تعليمي مكثف مُكمل؛ وليس برنامجا أساسيا؛ أي أنه يُبنى على خبرات تأسيسية سابقة، ويستهدف فئات معينة وتكون على دراية بالسياق التعليمي ولديهم الرغبة في مواصلة البناء التراكمي للخبرة العلمية والعملية السابقة، وقد يكون حضور الدورة التدريبية بدافع شخصي بحت من المتدرب، أو بتحفيز من الإدارة التنفيذية التابع لها المتدرب، والدورات التدريبية حاليا يتم عقدها وتقديمها بطرق مختلفة.
وتساعد المكتبات المتخصصة في مجال التدريب من خلال استطلاع المؤهلات العلمية المتوافرة لدى منسوبي الجهة التابعة لها؛ وبالتعاون مع إدارة شؤون الموظفين في المؤسسة يتم تحديد عدد من الشهادات العلمية اللازمة لتأكيد تجويد العمل، ومن ثم تعمل المكتبة على توفير كافة المصادر الداعمة لهذا المسار، وأيضا التأكد من استفادة المنسوبين -المستهدفين بهذه الشهادات- من هذه المصادر. ويتم تجديد هذه الشهادات أوالمؤهلات بصفة دورية وبما يتناسب مع طبيعة عمل المؤسسة.
وبالنسبة للتدريب، فالمكتبات المتخصصة؛ ومن خلال خبرة العاملين فيها يمكنهم تحديد أحدث وأهم الدورات التدريبية لمنسوبي المؤسسة، وكذلك آلية تنفيذها، ومن الممكن أن تشارك أيضا في قياس تأثيرها على العمل.
إن دور المكتبات المتخصصة ليس فقط جمع وتوفير مصادر المعلومات للمنسوبين؛ بل دورها المتخصص هو التأكد من تحقيق الاستفادة القصوى من هذه المصادر وتأثيرها الإيجابي على العمل.