إيمان حمود الشمري
اليوم معلوماتك في متناول الجميع، في الفنادق، شركات الطيران، في شركات الاتصالات، في المحلات التجارية محلياً وعالمياً، ومع تعدد الوسائل وتسارع التكنولوجيا تتنوَّع عمليات الاحتيال وتصبح أسهل، ومما لا شك فيه أن 70 % فما فوق من عمليات الاحتيال تأتي من الخارج، فعلى من نلقي اللوم؟ وهل هناك من يبيع بياناتنا؟
لا شك أن هناك سوقاً سوداء لبيع المعلومات، ويصل سعر المعلومة حسب حساسيتها وقيمتها، ولكن لا يمكن إنكار أن جزءاً كبيراً من عمليات الاحتيال نتحمّله نحن، إذ يلعب عامل الثقة دوراً مهماً في وقوعنا لضحايا الاحتيال، فالمسؤولية الأكبر تتحمَّلها أنت عزيزي العميل، فقد يكون أنت من يبيع بياناتك! مما يجعلك عرضة للسرقات وطعماً سهلاً للاصطياد.
وفيما يخص التحويلات المالية فإنها تعتمد على قرارك أنت عندما تمنح الثقة لمجهول مقابل خدمة، مثل بيع تذاكر الحفلات في المواسم، وبيع متابعين في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم اختفاء البائع بعد الحصول على المبلغ، وكل ذلك يمكن أن يكون مقبولاً مقابل عمليات احتيال أكثر تعقيداً، فعندما تتعرَّض لعملية احتيال محكمة التدابير ومتقنة لدرجة لا تقبل الشك، تتساءل من زوّد المحتالون ببياناتك، ومن باع معلوماتك، ومن يتحمَّل مسؤولية ذلك الاحتيال أنت أم البنك.
من الصعب إلقاء اللوم على جهة معينة، ومن الصعب أن يكون البنك هو المتهم الأول، لأن مع تنوّع مصادر المعلومات فإن المسؤولية مشتركة، فللبنك جزء من المسؤولية بالتأكيد في الحماية والتوعية، وتكاد تكون البنوك السعودية من أفضل البنوك على مستوى العالم فيما يتعلَّق بحماية بيانات العملاء وحماية أنظمتها، بل إن البنوك تقوم بما يعرف باختبار أنظمتها للتأكد من فاعلية أمان الأنظمة والبحث عن أي ثغرات محتملة للاختراق، ولم يحدث أن تم اختراق نظام بنك مباشرة في السعودية! وإنما الاختراق الذي يتم لحسابات العملاء عن طريق وسيط، مثل البطاقة الائتمانية أو الروابط، أو استجابة العميل للمحتال الذي تمكنه من تنفيذ العملية، لذا فإن معظم الاختراقات التي حدثت لحسابات العملاء وليس لأنظمة البنوك لأن هناك فرقاً شاسعاً، وكل الاختراقات حدثت بمباركة وبحسن نيَّة طبعاً من العملاء!
أنظمة قوية وصارمة يفرضها البنك المركزي السعودي ساما على البنوك كافة بما في ذلك شركات التمويل وخلافه، على سرية المعلومات الخاصة بالعملاء، بالإضافة لأنظمة المراقبة الشديدة داخل البنوك، فكل عملية وكل توقيع وكل دخول على جهاز يتم متابعته ويعرف من الموظف الذي استخدم الجهاز، فاتهام موظف البنك أمر ليس بهذه السهولة وفقاً للأنظمة الصارمة، وتبقى أهم إشكالية تقع بين البنك والعميل هو التأخر في التبليغ، فقد أثبتت المعلومات أن فوق 99 % من العملاء من يبلغ متأخراً وبالتالي تكون الأموال قد حولت وانتهى أمرها، وقد يكون سبب التأخير هو عدم معرفة العميل بالجهة التي يقصدها، وما نطالب به حقيقة كمواطنين هو منصة موحَّدة للتبليغ بدلاً من التشتت في عدة جهات متداخلة، وما يطلبه البنك من المواطن هو الحذر ثم الحذر من الثقة في أشخاص مجهولين.